وعلى الثاني، اما ان يقوم عنده طريق معتبر، أولا، ومرجعه على الأخير إلى القواعد المقررة عقلا أو نقلا لغير القاطع ومن يقوم عنده الطريق.
أقول يرد على ما افاده أولا، ان المجعول في باب الامارات والأصول الشرعية ليس هو الحكم الظاهري كما ستعرف فلا علم بالحكم في مواردها.
أضف إليه ان التقسيم في كلام الشيخ انما هو في رتبة سابقة على الحكم، ولبيان شرعي، اما ان يحصل له القطع الذي هو حجة ذاتا ولا تكون حجية جعلية، أو الشك الذي لا يكون قابلا للحجية إذ ليس فيه كاشفية أصلا ولا معنى لجعله حجة، واما ان يحصل له الظن وهو متوسط بينهما إذ له طريقية ناقصة، فليس كالقطع ليكون حجة ذاتا، ولا كالشك ليكون جعل الحجية له ممتنعا، فان دل على اعتباره يكون ملحقا بالقطع والا فهو ملحق بالشك، ويجرى في مورده الأصل العملي، فالتقسيم انما هو في مرتبة سابقة على الحكم، وبعد البحث قد يلحق الظن بالقطع، وقد يلحق بالشك، فلا بد من جعل التقسيم ثلاثيا نعم لا بد من تبديل الظن في كلام الشيخ بالطريق الناقص الذي جعله الشارع حجة، وتبديل الشك، بعدم وجود امارة معتبرة على الحكم، وقد صرح الشيخ (ره) بذلك في أول بحث البراءة.
وبذلك يظهر الحال فيما افاده ثالثا، وانه هو الصحيح، وان كان فيما افاده مسامحة يظهر لمن تدبر فيه فالمتحصل ان التقسيم لا بد وأن يكون ثلاثيا، بالنحو الذي افاده المحقق الخراساني ولا يتم ما افاده الشيخ الأعظم (ره).
وقد يقال كما عن المحقق العراقي ان الأولى، ما افاده الشيخ، لان التقسيم انما هو بلحاظ ما للأقسام المذكورة من الخصوصيات الموجبة للطريقية والحجية من حيث، الوجوب، والامكان، والامتناع حيث إن القطع لكشفه التام مما وجب حجيته عقلا، والظن لكونه كاشفا ناقصا أمكن حجيته شرعا، والكشف لعدم الشك فيه لا يفعل حجيته.
وفيه: انه لو كان البحث في المباحث الآتية عن، وجوب الحجية للقطع، وامكانها للظن، وامتناعها للشك كان ما ذكر من التقسيم حقا، ولكن بما ان البحث في الظن انما هو