من جهة احتمال عدم تطابق المراد الجدي للمراد الاستعمالي، فهل هناك أصل عقلائي من قبيل أصالة الظهور، أو أصالة عدم القرينة، أو أصالة الحقيقة يعين المراد أم لا؟ أم هناك تفصيل بين الموارد.
وقبل الشروع في بيان هذه المسائل لا بد من تقديم مقدمات الأولى: ان الاحتياج إلى هذه الأصول انما يكون لان يحتج بها على المولى إذا ادعى المولى إرادة خلاف الظاهر. الثانية: انه لا بد وأن تكون الحجة مناسبة لمورد المحاجة. الثالثة: ان الظهور المنعقد للكلام حجة ما لم يثبت حجة أقوى على خلافه ولم تصل.
إذا عرفت هذه الأمور فاعلم أن عدم احراز مراد المولى ربما يكون لأجل عدم احراز الظهور، وربما يكون منشأه احتمال عدم كون الظاهر مرادا، اما الأول فمنشأه، اما ان يكون عدم احراز الموضوع له، واما ان يكون احتمال غفلة المتكلم عن نصب القرينة، واما ان يكون احتمال ترك نصبها عمدا لمصلحة أو غيرها، واما ان يكون احتمال اتكاله على القرينة المنفصلة.
فان كان الشك في المراد بعد انعقاد الظهور، فالمرجع هو أصالة الظهور التي هي بنفسها أصل وجودي ثابت ببناء العقلاء وعدم ردع الشارع في الفروض الثلاثة، ولا يكون مجال لاجراء أصالة عدم القرينة، اما في الأولين فللعلم بعدم نصبها مع أن ذلك الأصل لا يناسب مورد المحاجة لو ادعى المولى إرادة خلاف الظاهر، واما في الثالث أي احتمال القرينة المنفصلة، فلان الظهور المنعقد للكلام حجة ما لم يثبت حجة أقوى على خلافها كما تقدم، والحجة متقومة بالوصول، فالقرينة غير الواصلة بوجودها الواقعي لا يترتب عليها الأثر فلا مجال لاجراء أصالة عدم القرينة، فبمجرد عدم الوصول بعد الفحص يتبع أصالة الظهور من دون ان يجرى أصالة عدم القرينة.
واما لو شك في المراد لأجل عدم احراز الظهور، فان كان منشأه عدم احراز الموضوع له لا مجال لاجراء أصالة الظهور، ولا أصالة عدم القرينة كما لا يخفى، بل يرجع إلى الأصول العملية.