وأعظم السبب في ذلك أن المتقدمين كثيرا ما يعدون فتاوى علي بن الحسين بن بابويه في عداد النصوص فيعتمدون في الافتاء عليها، وفتاوى علي بن الحسين في رسالته إلى ابنه الصدوق جلها مأخوذة من هذا الكتاب كما نبهنا عليه في مواضع لا تحصى سيما في كتب العبادات، وكذلك كثيرا ما يذكروه الصدوق في الفقيه عاريا عن النسبة إلى المعصوم فإنه من هذا الكتاب.
وأما ما ربما يعترض به من أن الكتاب لم يثبت كونه عنه عليه السلام فإنه ناشي عن قصور التتبع، فإن اعتماد الصدوقين على الافتاء بعبائر هذا الكتاب بعينها - سيما في مقابلة الأخبار المتكاثرة الصريحة الظاهرة - أدل دليل على اعتمادهما عليه وثبوته عندهما.
وقد تقدم في الجلد الثاني في كتاب الطهارة نقل كلام والد الصدوق في صورة ظهور هذا الكتاب في الأعصار المتأخرة، واعتماد شيخنا المجلسي وأبيه على الكتاب المذكور، وما وجدا على نسخة الكتاب بخط جملة من العلماء المتقدمين.
وبالجملة فإن الكتاب عندي معتمد لاعتماد الصدوقين عليه، كما لا يخفى على المتتبع البصير والفاضل النحرير، ولا ينبئك مثل خبير.
وتقييد العدة في كلامهم بالرجعية عن احتراز البائن، لأن الأولى زوجة، بخلاف الثانية، والأصل العدم حتى يقوم دليل على خلافه. ثم إنه لا فرق على على ما اخترناه - كما هو المشهور - بين علم الزاني بكونها ذات بعل أو في عدة أم لا ولا بين دخول الزوج بها أم لا، ولا بين المتمتع بها والدائم، عملا بعموم النص المتقدم، ولا يلحق به الزنا بذات العدة البائنة ولا عدة الوفاة، ولا يلحق به الزنا بذات البعل الموطوءة بالشبهة ولا بالأمة الموطوءة بالملك، عملا بأصالة الحل وعدم وجود ما يخرج منها.