وقال في القاموس (1): شق عليه الأمر شقا صعب، وقال ابن الأثير في النهاية (2) وفيه " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء ":
أي لولا أن أثقل عليهم من المشقة وهي الشدة.
وقال المفسرون في قوله عز وجل " وما أريد أن أشق عليك " (3):
أي لأحملك من الأمر ما يشتد عليك.
وقال الهروي في كتاب الغربيين: قوله تعالى (4) " لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس " قال قتادة: أي بجهد النفس.
أقول: وإن كانت المشقة كما ذكره هؤلاء الأعلام عبارة عن هذا المعنى وهو الذي ذكروه، وهو ما يصعب تحمله ويشتد على النفس تحمله والقيام به ويبلغ به الجهد، فكيف لا تكون مستلزما للأذى، مع أن الأذى إنما هو الضرر اليسير كما صرح به في القاموس مثل التهديد والغيبة ونحو ذلك.
وقد صرح المفسرون في قوله سبحانه (5) " لن يضروكم إلا أذى " أي ضررا يسيرا، وعلى هذا فيكون الأذى إنما هو أقل مراتب المشقة، فكيف لا تكون لازما للمشقة؟ وهل يشك عاقل في أن من وقع في شدة وأمر صعب لا يتأذى بذلك؟ ولكن من منع ذلك إنما بنى على مقتضى هواه وعقله بغير ارتياب، من غير مراجعة لكلام العلماء في هذا الباب فضل عن سواء الطريق وأوقع نفسه وغيره في لجج المضيق.
لا يقال: هذا الخبر قد روته العلماء في كتبهم واطلع عليه الفضلاء منهم