لتم الاستدلال، وهكذا يقال في الأخبار الباقية، فإن موردها تحريم منظورة الأب وملموسته على الابن دون العكس لا على جهة الحصر، بل هي مطلقة بالنسبة إلى العكس فيجب تقييدها بالخبرين الأولين.
وكيف كان فإنه يجب تقييد هذه الأخبار بالشهوة أيضا لما عرفت من صراحة الصحيحين المتقدمين في ذلك، وأيضا فإنه هو الغالب سيما في التقبيل، وبذلك يظهر ضعف القول المذكور.
ومنها ما رواه الشيخ (1) في الموثق عن علي بن يقطين عن العبد الصالح عليه السلام " عن الرجل يقبل الجارية ويباشرها من غير جماع داخل أو خارج أتحل لابنه أو لأبيه؟ قال: لا بأس ".
وهذه الرواية قد استدل بها بالقول الثاني، وحملوا الروايات المنافية على الكراهة جمعا.
وفيه: أن النهي حقيقة في التحريم فلا يحمل على خلافه إلا مع القرينة الواضحة الصارفة عن الحقيقة، والرواية المذكورة غير صريحة في التحريم لامكان حملها على ما ذكره الشيخ من كون ذلك لا بشهوة، والمحرم إنما هو الواقع بشهوة كما عرفت.
وبالجملة فإن هذا الخبر يضعف عن معارضة الأخبار المتقدمة سندا وعددا ودلالة، فيجب التأويل في جانبه لا في جانب تلك الأخبار.
وبما ذكرنا يظهر ضعف الاستناد إلى أصالة الإباحة كما ذكره ابن إدريس لوجوب الخروج عنها بالدليل الدال على التحريم، وقد عرفت ضعف الاستناد إلى الآية فإنها مخصوصة بالأخبار، على أن مجرد الملك لا يقتضي إباحة الوطئ فقد يملك من لا يجوز له وطؤها، والله العالم.