وما لا يجوز لغيره النظر إليه كالوجه والكفين أو لمسه، فهل يحرم بذلك على أبيه أو ابنه أم لا؟ أقوال:
(أحدها) القول بالتحريم، وهو منقول عن الشيخ في النهاية وأتباعه، واختاره العلامة في المختلف والتذكرة إلا أن الذي في عبارة النهاية إنما هو النظر والتقبيل بشهوة حيث قال: لو نظر الأب أو الابن أو قبل بشهوة جارية قد ملكها حرم على الآخر وطؤها.
و (ثانيها) القول بعدم التحريم بالكلية، وإنما المحرم الوطئ خاصة، وإليه ذهب ابن إدريس والمحقق والعلامة في غير الكاتبين المتقدمين.
قال ابن إدريس: لا يحرم على أحدهما لو نظر الآخر وقبل وإن كان بشهوة بل المقتضي للتحريم الوطئ لأصالة الإباحة وقوله (1) " وما ملكت أيمانكم " قال:
وهذا مذهب الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، والفقيه أبي يعلا سلار قال: وبه أفتى، وغلطه العلامة قي نقله هذا القول عن الشيخين المذكورين، وهو كذلك.
و (ثالثها) اختصاص التحريم بمنظورة الأب وملموسته دون الابن، وهو مذهب الشيخ المفيد وأبي الصلاح، قال شيخنا المفيد (عطر الله مرقده): من ابتاع جارية فنظر منها إلى ما كان يحرم عليه قبل ابتياعها بشهوة فضلا عن لمسها لم تحل لابنه بملك يمين ولا عقد نكاح أبدا، وليس كذلك حكم الابن إذا نظر من أمة يملكها إلى ما وصفناه.
وقال في باب السراري: إذا نظر الأب إلى جارية قد ملكها نظرا بشهوة حرمت على ابنه، ولم تحرم على الأب بنظر الابن دون غيره، ففرق بين الأب والابن في الحكم المذكور، وبه يظهر لك غلط ابن إدريس ونقله عنه القول بما ذهب إليه، والظاهر من هذه الأقوال هو القول الأول.