روايات القول الثالث من الطعن فيها، وليس لهذه الرواية معارض بعد ما عرفت إلا رواية عمر بن يزيد المتقدمة، وقد عرفت أنها متروكة بإجماع الأمة.
وإلى هذا القول ما في المسالك أيضا بتقريب آخر غير ما ذكرناه، حيث قال - بعد الطعن في روايات المسألة ومنها رواية زياد بن سوقة بأن في طريقها عمار بن موسى وحاله في الفطحية معلوم، ما لفظه -: والحق أن مثل هذه الأخبار المتناقضة الواهية الأسناد، لا يلتفت إليها من الجانبين، ومتى اعتبرنا ذلك فليس معنا في ذلك كله أصح سندا من رواية علي بن رئاب الدالة على أن العشر لا يحرم وفيها - مع صحة السند - التعليل بأن العشر لا تنبت اللحم ولا تشد العظم، والخبر المعلل مرجح على غيره عند التعارض، فسقط بها اعتبار كل ما دل على الاكتفاء بالعشر، وتعين القول بالخمس عشرة وإن لم يعتبر أدلته، إذا لا قائل بما فوقه، ولا ما بينه وبين العشر، وتبقى ما دل على الخمس عشرة شاهدا وإن لم يكن أصلا.
إنتهى.
وفيه من الضعف ما لا يخفى على المتأمل الناظر بعين التحقيق والمتأمل بالفكر الصائب الدقيق، وذلك فإنه متى فرض أن لا دليل لهذا القول من الأخبار فالقول به والحكم به مما منعت منه الآيات القرآنية والأخبار المعصومية لما دلت عليه من النهي والزجر عن القول والفتوى في الأحكام الشرعية بغير دليل واضح عنهم عليهم السلام.
ومجرد دلالة الأخبار على نفي العشر وعدم القول بما فوق الخمس عشرة ولا ما بينهما وبين العشرة ليس بدليل شرعي ولا نهج مرعي، لامكان وقوع الحكم في قالب الاشتباه، إذا الفرض أنه لا دليل للقول بخمس عشرة والقول به بغير دليل ممنوع منه شرعا، ولا قائل بشئ من ذلك الوجهين المذكورين.
وبالجملة فإن أصحاب هذا الاصطلاح المحدث لوقوعهم - متى تمسكوا به - في مضيق الالزام يلجئون إلى التمسك بهذه التكلفات العليلة الضئيلة، ولهذا أن