وبعبارة أخرى أنه لو قلنا بلزومه المهر ومنعنا الإرث منه لزم التنافي بين الحكمين، وذلك لأن العقد في نفس الأمر إما صحيح أو باطل، فإن كان صحيحا لزمه المهر وورث، وإن كان باطلا فلا مهر ولا ميراث، فالحكم بلزوم المهر وعدم إرثه منه مما لا يجتمعان.
وبعبارة ثالثة هو أن العقد إن كان صحيحا ملك الحصة من المهر وغيره وإن كان باطلا لم يلزمه المهر، وكان بأجمعه باقيا علي ملك مالكه، فملكه لمقدار الحصة من المهر مقطوع به على كل واحد من التقديرين.
واختار في المسالك الوجه الثاني هنا أيضا فقال بعد الكلام في المسألة: وقد ظهر بذلك أن القول بإرثه من المهر مقدار نصيب الزوج متعين.
أقول: والمسألة لعدم الدليل الواضح محل تأمل وإشكال، وإلا أن الأقرب إلى قواعدهم والأنسب بمقتضى ضوابطهم هو عدم المهر في الصورة الأولى لأن ثبوت المهر فرع ثبوت النكاح ولم يثبت، ومجرد إجازته النكاح مع عدم تأثيرها في ثبوته لا يترتب عليه فائدة.
وتوضيحه: أن الإجازة لما كانت محتملة لأن يكون للطمع في الميراث كما تقدم ذكره، لا النكاح، فإنها لا تصلح لأن يترتب عليها شئ من لوازم النكاح مهرا كان أو ميراثا أو غيرهما، ومعلومية كونها للنكاح إنما يثبت باليمين بعدها فمع عدم اليمين لا أثر لها شرعا، ولا يترتب عليها أمر من الأمور.
وبذلك يسقط الاستناد إلى حديث " إقرار العقلاء على أنفسهم جائز " فإن الإجازة على الوجه المذكور من حيث قيام المتقدم فيها لا يستلزم الاقرار وإنما تستلزم الاقرار لو تمخضت لإجازة النكاح خاصة وهو لا يتحقق إلا باليمين معها.
وبذلك يظهر اندفاع الاشكال الثاني، لأنه يترتب على ثبوت المهر ولزومه