قد تكرر هذا التعليل في كلام الأصحاب وهو غير مستقيم، فإن الأصل في الماضي أن يكون إخبارا لا إنشاء، وإنما التزموا بجعله إنشاء بطريق النقل، فاللفظ بمجرده يحتمل الأخبار والانشاء، وإنما يتعين لأحدهما بقرينة خارجة فلا يكون صريحا في الانشاء، ومع اقترانه بالقرينة يمكن ذلك في غيره من صيغة الأمر والاستقبال وبالجملة الاسمية، كما في الطلاق. إنتهى.
و (ثانيا) ما في هذه الوجوه التخريجية من النظر الظاهر لكل من تأمل الأخبار وجاس خلال تلك الديار.
وقد قدمنا جملة من الأخبار في الفصل الأول في البيع من كتاب المتاجر دالة على ما قلناه، فارجع إليها لتعلم ما هو الحق الحقيق بالاتباع وإن كان قليل الاتباع.
ومن ذلك أيضا ما رواه في الكافي عن عبيد بن زرارة (1) " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التزويج بغير خطبة، فقال: أوليس عامة ما تزوج فتياننا ونحن نتعرق الطعام على الخوان نقول: يا فلان زوج فلانا فلانة، فيقول: نعم قد فعلت ".
والقبول هنا قد وقع بلفظ الأمر مقدما على الإيجاب وهو على خلاف قاعدتهم المذكورة وما رواه في الكافي عن محمد بن مسلم (2) في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال:
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت: زوجني فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لهذه؟
فقام رجل فقال: أنا يا رسول الله صلى الله عليه وآله زوجنيها فقال: ما تعطيها؟ فقال: ما لي شئ، قال: لا، فأعادت فأعاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلام، فلم يقم أحد غير الرجل، ثم أعادت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله في المرة الثالثة: أتحسن من القرآن شيئا؟ قال: