" وجاذبنا وجاذبناه " خرجت هذه الأخبار بتحريم الأخذ، لاستفاضة الأخبار بتحريم النهبة والأخذ على هذه الكيفية، وأصحابنا (رضوان الله عليهم) لعدم الوقوف على هذه الأخبار واعتمادهم على ما رواه في كتب العامة في هذه المسألة استنكروا جعل المواضع منها لخروجه عن مقتضى القواعد الشرعية، وقيدوها بقيود خارجة كما تقدمت الإشارة إليها.
ونحن نوضح ما في بعض كلامهم المتقدم، فمن ذلك قولهم في الموضع الثاني بجواز الأكل عملا بشاهد الحال - إلى آخره - فإن فيه أن الأخبار كما ترى صريحة في تحريم ذلك إلا أن يعطى بخصوصه.
وأما دعوى شهادة الحال وأنها مستمرة في جميع الأعصار لجواز الأكل ما لم يعلم الكراهة.
ففيه: أولا: أن صريح رواية إسحاق بن عمار التحريم كما عرفت، فهذه الدعوى في مقابلتهما غير مسموعة.
وثانيا: أنك قد عرفت أن العادة في النثار هو الأخذ والأكل على جهة النهبة، وقد علم تحريم النهبة بالأدلة الصحيحة: وحينئذ فإن أريد بهذه الدعوى هو الجواز، وإن كان بطريق النهبة، فضعفها أظهر من أن ينكر، وإن أريد لا مع النهبة فهو خروج عن موضوع المسألة كما عرفت، ومن ذلك قولهم في الموضع الثالث بجواز الأخذ بشاهد الحال، فإن شاهد الحال الذي ذكروه موجب للخروج عن محل المسألة كما تقدم بيانه، فالقول بالتحريم في المسألة هو الأقوى لما عرفت في الأكل، فكذا في الأخذ، وأما ما صار إليه العلامة مع اشتباه الحال من الجواز إلا أن تعلم الكراهة، فهو ضعيف مردود بالأخبار التي ذكرناها، وإن دل على ما ذكره الخبر العامي الذي أورده.
وأما ما ذكروه في الموضع الرابع من التملك بمجرد الأخذ حيث يجوز الأخذ