نخلو بك فان وفود العرب تأتيك، فنستحي أن يرونا مع هؤلاء العبيد، ثم إذا انصرفنا فان شئت فأعدهم إلى مجلسك فأجابهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذلك، فقالوا له: اكتب لنا بهذا على نفسك كتابا فدعى بصحيفة وأحضر عليا عليه السلام ليكتب قال ونحن قعود في ناحية إذا نزل جبرئيل عليه السلام بقوله: (ولا تطرد الذين يدعون) إلى قوله: (أليس الله بأعلم بالشاكرين) فنحى رسول الله صلى الله عليه وآله الصحيفة وأقبل علينا ودنونا منه وهو يقول: كتب ربكم على نفسه الرحمة وفى هذا دليل واضح على أن فقراء المؤمنين وضعفائهم أولى بالتقديم والتقريب والتعظيم من أغنيائهم، ولقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: من اتى غنيا فتواضع لغناه ذهب ثلثا دينه.
94 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين) فإنه كان سبب نزولها انه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون أصحاب الصفة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم ان يكونوا في صفة يأوون إليها: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتعاهدهم بنفسه، وربما حمل إليهم ما يأكلون. وكانوا يختلفون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيقربهم ويقعد معهم ويؤنسهم، وكان إذا جاء الأغنياء والمترفون من أصحابه أنكروا عليه ذلك ويقولون له: اطردهم عنك، فجاء يوما رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده رجل من أصحاب الصفة قد لزق برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدثه، فقعد الأنصاري بالبعد منهما فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: تقدم فلم يفعل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله لعلك خفت أن يلزق فقره بك، فقال الأنصاري اطرد هؤلاء عنك، فأنزل الله: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) الآية.
95 - في تفسير العياشي عن الأصبغ بن نباتة قال: بينما علي عليه السلام يخطب يوم الجمعة على المنبر فجاء الأشعث بن قيس يتخطأ رقاب الناس فقال: يا أمير المؤمنين حالت الحدا (1) بيني وبين وجهك، قال: فقال علي عليه السلام: مالي وللضياطرة (2)