على الجهاد فقال عبد الله ابن أبي: يا رسول الله لا نخرج من المدينة حتى نقاتل في أزقتها (1) فيقاتل الرجل الضعيف والمرأة والعبد والأمة على أفواه السكك على السطوح فما أرادها قوم قط فظفروا بنا ونحن في حصوننا ودروبنا، وما خرجنا على عدولنا قط الا كان الظفر لهم علينا، فقام سعد بن معاذ وغيره من الأوس فقالوا: يا رسول الله ما طمع فينا أحد من العرب ونحن مشركون نعبد الأصنام فكيف يظفرون بنا وأنت فينا؟
لا، حتى نخرج إليهم ونقاتلهم، فمن قتل منا كان شهيدا، ومن نجا منا كان مجاهدا في سبيل الله، فقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأيه وخرج مع نفر من أصحابه يتبوؤن موضع القتال كما قال سبحانه: (وإذ غدوت من أهلك) الآية وقعد عبد الله بن أبي وجماعة من الخزرج (2) اتبعوا رأيه، ووافت قريش إلى أحد، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبأ أصحابه وكانوا سبعمأة رجل، ووضع عبد الله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشعب وأشفق أن يأتي كمينهم من ذلك المكان فقال صلى الله عليه وآله: لعبد الله ابن جبير وأصحابه: ان رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فلا تبرحوا من هذا المكان، وان رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا والزموا مراكزكم، ووضع أبو سفيان خالد بن الوليد في مأتى فارس كمينا، وقال: إذا رأيتمونا قد اختلطناه فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا وراهم وعبأ رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه ودفع الراية إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فحمل الأنصار على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة ووقع أصحاب رسول - الله صلى الله عليه وآله وسلم في سوادهم، وانحط خالد بن الوليد في مأتى فارس على عبد الله بن جبير فاستقبلوهم بالسهام، فرجع، ونظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ينتهبون سواد القوم فقالوا لعبد الله بن جبير: قد غنم أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة؟
فقال لهم عبد الله اتقوا الله فان رسول الله صلى الله عليه وآله قد تقدم إلينا ان لا نبرح فلم يقبلوا منه واقبلوا ينسل رجل فرجل حتى أخلوا مراكزهم وبقى عبد الله بن جبير في اثنى عشر رجلا، وكانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العبدري من بنى عبد الدار فقتله علي عليه السلام، فأخذ