وقال في الخلاف: إذا كان المقتول مشركا والمدعى عليه مسلما لم يثبت القسامة، وبه قال مالك، وقال الشافعي وأبو حنيفة: إنه يثبت القسامة، فإذا حلفوا ثبت القتل على المسلم بيمين المشرك. دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وإثبات القتل على المسلم بيمين المشرك يحتاج إلى دليل، وأيضا فلو أوجبنا القتل بيمينهم لوجب أن يقاد به، وقد بينا أنه لا يقاد مسلم بكافر، ولو أوجبنا عليه الدية لأوجبنا بيمين الكافر ابتداء على مسلم مالا، مع العلم بأنهم يستحلون أموال المسلمين ودماءهم (1).
والوجه ما قاله في المبسوط، وأصالة البراءة إنما يعمل بها ما لم يظهر المتضاد، وقد ظهر، لأن ثبوت اللوث ينفي ظن استصحاب أصالة البراءة، ودليل إثبات القتل على المسلم عمومات الأخبار الدالة على إثبات القتل بالقسامة كما في الأموال، وكما لا يجوز تخصيص عموم قوله - عليه السلام -:
" اليمين على المنكر " (2) بالمسلم كذا هنا. والملازمة الأولى - وهو وجوب القود لو ثبت بيمينهم القتل - ممنوع، فإن القتل قد يثبت بالبينة إجماعا، ولا يثبت به القود، بل المال. والملازمة الثانية منقوضة بدعوى المال مع الشاهد الواحد.
مسألة: قال الشيخ في الخلاف: إذا كان المدعي واحدا فعليه خمسون يمينا بلا خلاف، وكذلك المدعى عليه إن كان واحدا فعليه خمسون يمينا، فإن كان المدعون جماعة فعليهم خمسون يمينا عندنا، ولا يلزم كل واحد خمسون يمينا، وكذا في المدعى عليه إن كان واحدا لزمه خمسون يمينا، وإن كانوا جماعة لم يلزمهم أكثر من خمسين يمينا. وللشافعي فيه قولان في الموضعين: أحدهما مثل ما قلناه في