حنيفة: له ذلك ما لم يمنع مانع، فإن اعترضه معترض أو منعه كان عليه قلعه، واستدل بأصالة الجواز، واحتياج المنع إلى دليل، ولأن عمر مر بباب العباس فقطر ماء من ميزاب فأمر عمر بقلعه فخرج العباس فقال: أو تقلع ميزابا نصبه رسول الله - صلى الله عليه وآله - بيده؟! فقال عمر: والله لا يحمل من ينصب هذا الميزاب إلى السطح إلا ظهري، فركب العباس ظهر عمر فصعد وأصلحه.
وهذا إجماع، لأن أحدا لم ينكره، والنبي - عليه السلام - أيضا فعله، ولأن هذه الأجنحة والساباطات والسقائف - سقيفة بنى النجار وسقيفة بني ساعدة - وغير ذلك إلى يومنا هذا لم ينقل أن أحدا اعترض فيها ولا أزيلت باعتراض معترض عليها، فثبت أن إقرارها جائز المسلمين (1). وهو اختيار ابن إدريس (2).
وقال في المبسوط: إذا فعله على حد لا يستضر به أحد فليس لأحد معارضته فيه ولا منعه منه، وقال قوم: إنما له ذلك ما لم يمنعه مانع، فأما إن اعترض عليه معترض أو منعه مانع كان عليه قلعه، وهو الأقوى عندي (3). وهذا خلاف ما قاله في الخلاف، وابن البراج وافق (4) كلام الشيخ في الخلاف، وهو الأقوى لما تقدم.
تذنيب: قال الشيخ في الخلاف: من أخرج ميزابا إلى شارع فوقع على إنسان فقتله أو متاع فأتلفه كان ضامنا، وبه قال جميع الفقهاء، إلا بعض أصحاب الشافعي فإنه قال: لا ضمان عليه، لأنه محتاج إليه. دليلنا: إجماع الأمة، وهذا القول شاذ لا يعتد به (5).
وقال في المبسوط: عليه الضمان (6).