للمستثنى منه في الجملة.
فقوله: «أكرم العلماء إلا الفساق منهم» لا يثبت بمفاده الأولي حكما مخالفا للمستثنى منه، هو حرمة الإكرام أو جوازه أو غيرهما، بل يخرج الفساق عن وجوبه، فلا يدل إلا على نفيه، وإن كان لازم ذلك - بعد عدم خلو الواقعة عن حكم - ثبوت حكم مغاير للوجوب من غير تعيين واحد من الأحكام.
ففي قوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم...) إلى آخره، إنما يقطع الاستثناء حرمة القرب بالوجه الصالح أو الأصلح، فيكون مفاده الأولي «ليس لا تقربوا عند الأحسن» وهذا أعم من نفي العموم، ليكون مفهومه قضية جزئية، أو عموم النفي، ليكون قضية كلية، فلا يمكن إلا إثبات الجزئية; لكونها قدرا متيقنا.
هذا مقتضى الصناعة في الاستثناء مع الحفاظ على قاعدة الاستثناء، وأنه إخراج لما دخل في الاستعمال.
وأما ما ينقدح في أذهاننا من الحكم المنافي، فيقال في المقام: «أقربوا بالوجه الأحسن» فلعله من تكرر السماع عن المشايخ: من أن الاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي (1)، فتوهم أن المقصود أن المفاد الأولي لقوله:
«لا تهن العلماء إلا الفساق» هو أهنهم وبالعكس، مع أن الاستثناء إخراج عن السابق، والمفهوم ما ذكرناه، لا إثبات لحكم مخالف.
نعم، إن ما ذكرناه أمر مجزوم به في الموارد التي اخذت العناوين الكلية أو الماهيات في المستثنى منه، كقوله: «لا ينجس الماء شئ إلا إذا كان قليلا» وأشباهه، وأما في مثل الآية الكريمة فلا جزم بذلك، ومعه فاستفادة العموم