أو يكون المقصود به أعم منها ومن التصرفات الاعتبارية، والجمع بين الإرشاد إلى الحكم الوضعي والتحريم تكليفا لا مانع منه، وليس من الاستعمال في أكثر من معنى واحد; لما أشرنا إليه سابقا: من أن الأوامر والنواهي لا تستعمل في النفسيات والإرشاديات وغيرهما إلا في معناهما; أي البعث والزجر، وإنما يختلف المتفاهم العرفي منهما باختلاف المتعلقات (1).
فإذا قال: «لا تصل في وبر ما لا يؤكل لحمه» (2) و (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا...) إلى آخره (3) يفهم العرف أن الزجر في الأول والبعث في الثاني إرشاديان، لا بمعنى استعمالهما في الإرشادية; فإنه ضروري الفساد.
بل لأن الصلاة لما كانت مطلوبة، ولها صحة وفساد وشروط وموانع، يفهم العرف من الزجر عن الصلاة في شئ، أن ذلك الشئ مانع، ولأجل ذلك تعلق بها الزجر فيه، وأن الوضوء شرط، ولهذا تعلق به الأمر حال إتيانها.
وأما إذا تعلق بشئ له ملحوظية نفسية، كقوله: (وآتوا الزكاة) و «لا تشربوا الخمر» يفهم منهما أن مطلوبية أداء الزكاة نفسية، ومبغوضية الشرب كذلك، وفي الموردين لم يستعمل اللفظ هيئة ومادة إلا في معنى واحد.
وفي المقام قوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم) إن كان أعم من البيع ونحوه، والأكل ونحوه، يفهم العرف من عدم القرب والزجر عن التصرف الاعتباري، أنه إرشاد إلى البطلان، وعن الأكل ونحوه أنه محرم نفسي.