مفسدة غالبة على تلف مال الصغير أحيانا، فلا دافع لهذا الاحتمال، ولا يجوز رفع اليد عنها معه.
مع إمكان أن يقال: لو لم يجعل الشارع الولاية للأب والجد الفاسقين، فإن أهملها ولم يعين حافظا لأموال الصغار، فالفساد أفحش، ولو لم يهمل وجعل أمرهم إلي والي المسلمين، ففيه مفاسد كثيرة:
منها: أن الأب الفاسق لو علم أن مال الطفل في معرض تصرف الوالي، لأتلفه قبل اطلاع الوالي وعما له، ولا دافع لذلك إلا أن يجعل لكل بيت فيه طفل - يحتمل أن يكون له مال - جواسيس; للاطلاع على بواطن أمرهم، وفيه من المفاسد ما لا تخفى.
ومنها: أن لازم ذلك أن يصرف الوالي قسمة مهمة إلى ما شاء الله، من بيت مال المسلمين - الذي هو لسد حاجات الحكومة الإسلامية - لهذا المصرف; من جعل عدة كثيرة لكل صقع وبلد وقصبات وقرى لذلك، وإعطاء الأجر لهم، وقل المتبرع لذلك جدا.
وصرف أموال كثيرة; لاحتمال كون الأب الفاسق يتجاوز عن الحدود - مع الحاجات الكثيرة اللازمة المراعاة - غير جائز، وأخذ الأجرة من مال الطفل إلي زمان كبره للعمال، يوجب نفاد المال في غالب الطبقات.
ومنها: أن اللازم حينئذ على الوالي أن يمنع الآباء والأجداد وأوصياءهم مع عدم ثبوت عدا لتهم، عن التصرف في مطلق الأموال - التي علم أن فيها مالا من الصغير - إلى أن يعلم الحال وتتضح الواقعة، وفيه مفسدة عظيمة.
بل لازمه حصول التباغض والتباعد بين الشعب والحكومة، وهو من أفسد الأمور; ضرورة أن الواقعة عامة البلوى، وإثبات العدالة بالبينة الشرعية أو الطرق الأخر غير ميسور.