ثانيهما: أن البيع عبارة عن تبادل الإضافتين، فلا بد من أن يكون الكلي مالا للبائع، مع أنه بدون الإضافة إلى ذمته ليس مالا له بلا إشكال، والإضافة التصورية لا توجب الملكية، ولا سيما إذا كانت من الأجنبي، والإضافة التامة تتحقق بعد الإنشاء.
فلا يعقل أن يكون الإنشاء موجبا لملكية الكلي والخروج عن ملكه ولو إنشاء.
كما لا يعقل أن تكون الإجازة موجبة لذلك; فإنه - على النقل - يأتي الإشكال المذكور، ولا يعقل الكشف الحقيقي في المقام، والكشف الحكمي لا يمكن أيضا; لأنه إنما هو بعد صحة البيع بالأدلة العامة، ولا يعقل أن يكون كاشفا أو موجبا لانطباق الأدلة.
والجواب: منع كون البيع عبارة عن تبادل الإضافتين المذكورتين، بل البيع عبارة عن مبادلة المالين، ولا يتوقف ذلك على كون المال ملكا.
بل التبادل بين المالين قد يكون في الملك، كما هو الغالب الشائع، وقد يكون في غيره، كتبادل مال الوقف في الأوقاف العامة لو قلنا: بعدم ملكيتها حتى للجهات (1)، فإن البيع صحيح إذا وقع من وليها، وتمليك العين بالعوض صادق عليه، وكذا مبادلة المال بالمال، مع أنها لا تخرج بالبيع عن ملك أحد، ويصير العوض وقفا عاما.
وكذا الحال في بيع الزكاة والخمس بناء على عدم كونهما ملكا للفقراء أو للجهة، بل الظاهر الصدق في بيع الطير في السماء، والسمك في البحر، مع القدرة على التسليم.