وهذا المعنى - أي المنشأ، أو الوجود الإنشائي الذي هو موضوع اعتبار الأثر لدى الشارع الأقدس والعقلاء - موجود في الإيقاعات أيضا; فإن الفك الإنشائي من الاعتبارات العقلائية الحاصل بإنشاء الفك، وهو موضوع للفك الحقيقي الذي هو أثره وإن كان اعتباريا أيضا.
فالتبادل الإنشائي موضوع لاعتبار التبادل الحقيقي ولو كان وجوده الحقيقي اعتباريا، لكنه غير الوجود الإنشائي المتحقق في عقد الأصيل والفضولي، وهذا المعنى الإنشائي الموضوع للأثر موجود في الإيقاعات، وباق اعتبارا إلى زمان لحوق الإجازة.
والشاهد على أن العقد عبارة عن هذا التبادل الإنشائي: - مضافا إلى صدق التعاريف التي في البيع ونحوه عليه - أن التبادل الحقيقي لا واقعية له إلا باعتبار العقلاء، ولا يعقل إيجاد اعتبارهم; فإن له مبادئ خاصة، ولا واقعية للتبادل حتى يكون ذلك أثر إنشائهما، وليس إنشاؤهما مجرد لفظ خال عن المعنى، فلا يبقى إلا المعنى الإنشائي المستتبع للإيقاع الإنشائي.
فالمنشأ هو التبادل الإنشائي الإيقاعي، وهو موضوع لاعتبار التبادل الواقعي، وهو حاصل في العقود والإيقاعات، فجريان الفضولي فيها على القاعدة، لو قلنا: إنه في العقود كذلك.
بل الظاهر جريان الفضولية فيها مع الغض عنه أيضا; فإن القرار بين المتعاقدين، ليس إلا بناء كل منهما على كون ماله عوضا عن مال صاحبه، فإذا انشئت المعاملة مع هذا البناء يقال: «إن القرار بينهما كذلك».
وهذا البناء بعينه موجود في الإيقاع; فإن منشئ الطلاق بناؤه على إيقاعه بلفظ كذا، فلو كان منشأ صحة الفضولي - على القواعد - القرار والبناء من الطرفين، يكون منشأها في الإيقاع هو البناء من الشخص الواحد، لكن المبنى