وكيف كان: لو بنينا على الأول، لكان جريان الفضولي في الإيقاعات أيضا موافقا للقواعد; لأن المفروض أن لحوق الإجازة بالإنشاء الموجود في ظرفه، مبنى صيرورة العقد عقدا له; ومبنى جريانه فيه، وهو بعينه موجود في الإيقاعات.
وكذا على الثاني، يجري في الإيقاعات أيضا على القواعد.
وأما على الثالث: فلا يجري فيها على القواعد; لأن المعاقدة والمعاهدة والقرار المتحققة في العقود الباقية إلى زمان الإجازة اعتبارا، غير موجودة في الإيقاعات، وليس فيها سوى ألفاظ الإنشاء والمعنى المنشأ، اللذين لا بقاء لهما - ولو اعتبارا - حال الإجازة.
فإنشاء الطلاق والتحرير من غير الأصيل لا يبقى منه شئ ولو اعتبارا إلي زمان الإجازة; لأن الألفاظ متصرمة غير باقية لا واقعا، ولا اعتبارا لدى العرف، والمنشأ - أي فك الزوجية والملك - لم يتحقق، وليس له إلا وجود اعتباري لم يعتبره الشارع ولا العقلاء إذا أنشأه الفضولي، ولا شئ آخر وراءهما يعتبر باقيا.
بخلاف العقود، فإن فيها وراءهما شئ آخر، هو ماهية العقد حقيقة، وهو القرار والعهد بين المتعاقدين الذي له نحو بقاء اعتبارا لدى العقلاء، وهو صالح للحوق الإجازة به.
إلا أن يقال: إن ما له البقاء اعتبارا في العقود هو الوجود الإنشائي المنشأ بالألفاظ، ويكون موضوعا لبناء العقلاء على ترتيب الآثار; أي اعتبار النقل عقيبه إذا صدر من الأصيل، وهذا هو الباقي، وتلحقه الإجازة، لا القرار والعهد الذي له وجود حقيقي ينعدم بتمامية العقد أو بالذهول عنه.
وليس العقد هو القرار والعهد، بل هو عبارة عن العقدة الحاصلة بين العينين; باعتبار التبادل الاعتباري.