في العالم الفاسق، فشمول العموم للخاص ليس فيه مزاحمة لحكم الخاص، وإنما ذلك مجرد شمول أمر شكلي ولفظي وظاهري، سرعان ما يزول بمجرد النظر إلى الكلامين، والمقارنة بينهما. وذلك ظاهر لا يحتاج إلى مزيد بيان..
4 - أضف إلى ذلك.. أن هذا البعض تارة يقول: إن المصالح العامة قد تزاحمت - في مورد تخصيص العموم..
وتارة أخرى يقول: إن قاعدة التزاحم كثيرا ما تكون متمثلة في نطاق المحرمات الشرعية، حتى أصبحت بمثابة القاعدة الاستثنائية.. حيث تتزاحم المصلحة مع المفسدة، كما صرح به في أمثلته التي أوردها.. مثل قوله: إن مصلحة رفع الظلم أكبر من مفسدة الغيبة.
5 - بالنسبة للأمثلة التي ساقها نقول: إن ما ذكره من تقديم مصلحة رفع الظلم على مفسدة الغيبة على أنه من موارد التزاحم في مقام الامتثال. ليس من صغريات قاعدة التزاحم، بل هو من باب تقديم الخاص على العام، فإن حرمة الغيبة تشمل مورد الخاص في نفس الخطاب الإلهي الموجه إلى المكلف.
بل قد يقال: إن هذا المثال لو كان من قبيل جلب المصلحة.. فإنه لا يتناسب مع ما هو مقرر في محله، من أن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة..
وإن كنا نناقش في إطلاق وتعميم هذه القاعدة، حيث إن بعض المصالح أهم بكثير من بعض المفاسد، فلا يكون دفع المفسدة أولى من جلب تلك المصالح.
7 - إن هذا البعض قد قال هنا:
" إن الغاية الكبرى تبرر الوسيلة المحرمة، بمعنى أنها تجمدها وتنظفها من خلال ارتباطها بسلامة الخط العام ".
ثم عمد إلى تطبيق هذا المبدأ على اتهام إخوة يوسف بالسرقة.
فإذا أردنا أن نأخذ بهذا الكلام على إطلاقه. فإننا نخرج بنتيجة مفادها: أن علينا: أن نزني، أو أن نبيح الزنا إذا وجدنا أن الزنا أو إباحته للشباب سوف يزيد من إقبالهم على دين الإسلام، وهذا يزيد من قوة الإسلام في العالم. وبه يتم تحصينه في مقابل أعدائه، حيث إن كثرة المسلمين وقوتهم ودخول الشعب الأمريكي، والأوروبي في الإسلام سوف يمنع أعداءه من محاولة إبادة المسلمين!!!