يوسف (عليه السلام)، (ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون (.
" وفي تلك الحادثة يمكننا أن نستوحي فكرة أن الغاية تبرر الوسيلة، إذا كانت الغاية أعظم من ناحية الأهمية، لأنها بذلك تنظف الوسيلة، وتطهرها. وهكذا واجه فتيان يوسف إخوته باتهامهم بالسرقة، وفوجئ هؤلاء الشباب " (1).
ثم يوجه إلى هذا البعض سؤال يقول:
- ما هو المراد من قولكم الغاية تنظف الوسيلة؟
فأجاب:
" إن الغاية تبرر الوسيلة مبدأ مرفوض من قبلنا؛ لأن الغاية الشخصية التي تبرر هدم كرامة هذا وهتك حرمة ذاك غير جائزة إطلاقا. ولكن عندما يكون الهدف كبيرا وله أهمية عند الله، كما لو فرضنا بأن حريقا شب في بناية كبيرة، وتوقف إنقاذ حياة الناس في البناية أن نهدم كثيرا من البناء ونتلف الأثاث، فهذا جائز لأن الغاية تبرر الوسيلة، ولأن الغاية هي هنا إنقاذ حياة الناس الموجودين أو إنقاذ الجيران، فذلك أهم من البناية.
نحن نقول إن (الغاية تنظف الوسيلة) والفقهاء يضربون في ذلك مثلا، فلو فرضنا أن شخصا يغرق، والطريق إلى النهر أرض مغصوبة، وصاحبها لا يقبل أن نجتازها إلى النهر.. وعندنا حكم شرعي يقول بحرمة المرور في الأرض المغصوبة، فهنا يجب عليك أن تنجي الغريق من جهة، ويحرم عليك أن تمر بالأرض المغصوبة من جهة، والحكمان لا يمكن العمل بهما معا. هنا يقول الفقهاء بأن الغريق أهم وأن الحرام يتجمد عند ذلك لمصلحة الغاية الأهم.
ومن الأمور التي تمثل ذلك: (الكذب) فهو ليس حلالا، ولكن لو توقف إنقاذ أخيك المؤمن على أن تكذب حينما تعرف بأن هناك ظالما يريد أن يقبض عليه ليقتله أو ليحبسه، وأنت تعرف مكانه فهل تقول بسذاجة بأن الكذب حرام، والحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: (إحلف بالله كاذبا ونج أخاك من القتل)!
ومن الأمور التي يذكرها فقهاء السنة والشيعة: إذا كانت هناك حرب كما هي الحرب بيننا وبين إسرائيل بحيث يترتب عليها نتائج كبيرة، وقد اتخذ العدو من أسرى المسلمين دروعا بشرية، فهنا يجوز لك قتلهم من أجل القضية الكبرى إذا كان الإنتصار يتوقف على ذلك..
من كل ذلك نخلص إلى أن الغاية الكبرى المهمة التي تتصل بقضايا المصير تنظف الوسيلة " (2).