هذا الفرد أو ذاك، لأن المتعلق هو صرف الطبيعة لا الأفراد كما قلنا.
فإن صادف وابتلي المكلف باجتماع العنوانين في مورد، كما في الصلاة في الأرض المغصوبة.. ولم يكن له بد من الجمع بينهما، فيقع التزاحم بين التكليفين الفعليين - إذ الدليلان لم يتعارضا في مقام الجعل - بل المنافاة كانت بسبب ضيق قدرة المكلف عن التفريق بين الامتثالين.
وبعد ما تقدم نقول:
إن هذا البعض قد خلط بين هذه الأمور، فهو تارة يتحدث عن تعلق الأمر والنهي في شيء واحد، ويجعله موردا للتزاحم، مع أنه من موارد التعارض..
وتارة يطبق قاعدة التزاحم هذه على موارد العموم والخصوص، مع أن العموم والخصوص لا ربط له بمقام الامتثال ولا بمقام الجعل، وإنما هو من موارد الجمع الدلالي بين دليلين متخالفين لفظا وشكلا، متوافقين مضمونا، فلا ربط لهما بمقام الجعل.. ليتساقط الدليلان في مورد التعارض، كما لا ربط له بمقام الامتثال، وضيق قدرة المكلف عن امتثالهما معا. ليكون من موارد التزاحم ويختار الأهم منهما..
3 - إننا نعود إلى التأكيد على أن تطبيق قاعدة التزاحم على القول المعروف (ما من عام إلا وقد خص) لا معنى له.. فان التخصيص ليس فيه اختيار للأهم، كما هو الحال في باب التزاحم في مقام الامتثال.. بل التخصيص هو جمع دلالي فقط.
وليس جعلا لحكم مغاير لحكم العام في مورد الخاص.. بل هو استثناء ووضع حد يمنع العام من السريان والشمول في مقام الدلالة.
فإذا قيل مثلا: أكرم العلماء إلا الفساق - في المخصص المتصل - أو قيل: أكرم العلماء.. ولا تكرم الفساق العلماء - في المخصص المنفصل، فإنه ليس من قبيل اجتماع الأمر والنهي على مورد واحد.. بل من قبيل القول: بأن حكم وجوب الإكرام لا يشمل فساق العلماء.. لا أن فساق العلماء قد تعلق بهم وجوب الإكرام أولا.. ثم تعلق بهم حرمة الإكرام ثانيا.. ثم قدمنا الأهم وهو الحرمة بسبب تزاحم المصالح العامة..، لا، ليس الأمر كذلك.
بل الخاص يريد أن يقول: إن المصلحة التي أوجبت الإكرام للعالم غير موجودة