إلى أن قال:
" وهذا ما يعبر عنه علماء الأصول بحالة التزاحم بين الحكمين ".
فإن ظاهر كلامه: أن الأمر والنهي إذا تعلقا بشيء واحد فهو من موارد التزاحم.. مع أن التزاحم هو في مورد وجود حكمين يتعلق أحدهما بأمر ويتعلق الآخر بأمر آخر، وتضيق قدرة المكلف عن الاتيان بهما معا، فتلزمنا القاعدة العقلية بالإتيان بأحدهما وهو الأهم، وترك الآخر..
ب: إننا لتوضيح خلط هذا البعض بين قاعدة التزاحم، وبين موارد العموم والخصوص، وموارد اجتماع الأمر والنهي نقول:
إن كان الأمر والنهي متوجهين إلى شيء واحد، وعنوان فارد، فإنهما يكونان متكاذبين متعارضين، وذلك مثل: صل. ولا تصل.
وإن تعلق الحكمان بعنوانين، كأن تعلق أحدهما بعنوان إزالة النجاسة عن المسجد، وتعلق الآخر بالصلاة وضاق الوقت عن امتثالهما معا، فيقع التزاحم بينهما، ويقدم الأهم.
وأما إذا كان الحكمان من قبيل الأمر والنهي وقد تعلقا بعنوانين مختلفين، بأن تعلق الأمر بالصلاة، وتعلق النهي بالغصب، ففي مورد اجتماع الغصب مع الصلاة، وحيث لا بد من أدائها في الأرض المغصوبة، فهناك حالتان:
إحداهما: أن يكون العنوان المأخوذ في متعلق الأمر والنهي قد لوحظ فانيا في مصاديقه شاملا لها بما لها من كثرات ومميزات، فهو في حكم النافي لأي حكم آخر، فإذا تصادق مع عنوان آخر في مورد، فإنه يكون نافيا بنحو الدلالة الإلتزامية لحكم ذلك العنوان في ذلك المورد، ويقع التعارض بينه وبين حكم ذاك في مقام الجعل والتشريع لأنهما يتكاذبان في موضع الالتقاء في دلالتهما الإلتزامية. ومع التعارض يتساقط الدليلان في مورد الالتقاء؛ فلابد من التماس دليل آخر.
الثانية: أن يكون العنوان ملحوظا في الخطاب فانيا في مطلق الوجود للطبيعة، من دون نظر إلى أفرادها، فلا دلالة فيه على سعة العنوان للأفراد كلهم. بل المطلوب هو صرف وجود الطبيعة وامتثالها بفعل أي فرد من أفرادها، فلا تعارض بين الدليلين، ولا تكاذب بينهما، إذ لا يتعرض أحدهما للآخر في