3 - إن رواية حماد بن عثمان عن أبي عبد الله، والتي تقول: (أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام..) (1).
لا تعارض رواية الحسين بن أبي العلاء عن الإمام الصادق أيضا، وفيها: (.. وعندي الجفر الأبيض، قال: قلت: فأي شيء فيه؟! قال: زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم - عليهم السلام -، والحلال والحرام، ومصحف فاطمة، ما أزعم أن فيه قرآنا، وفيه ما يحتاج الناس إلينا، ولا نحتاج إلى أحد، حتى فيه الجلدة، ونصف الجلدة، وربع الجلدة وأرش الخدش).
نعم - إن الروايتين غير متعارضتين، فإن الضمير في كلمة (وفيه ما يحتاج الناس إلينا) يرجع إلى كلمة (الجفر الأبيض)، ولا يرجع إلى مصحف فاطمة. إذ لو كان راجعا إلى مصحف فاطمة (عليها السلام) لم يكن لعطفه بالواو أي مبرر.. بل كان ينبغي الإضراب فيه بكلمة بل.
فيقال: ما أزعم أن فيه قرآنا، بل فيه ما يحتاج الناس إلينا الخ..
لكن هذا البعض تخيل: أنه من متعلقات مصحف فاطمة (عليها السلام)، فحكم بتعارض الروايتين، وهو كما ترى.
4 - إنه لا معنى للتشكيك بمحتوى مصحف فاطمة (عليها السلام)، فإن محتواه معلوم، وهو وصيتها، وعلم ما يكون.. فمن أين جاء الحديث عن اشتماله على المواعظ والتعاليم الإسلامية؟! وأين هي الرواية التي أشارت إلى ذلك؟! وهل هي من الأدلة القطعية حسبما اشترطه ذلك البعض نفسه؟!..
5 - إن من الواضح: أن تسلية غمها برسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما هو بالحديث عما يكون في المستقبل، وذلك معناه أن تسمع منه ما يجري على ذريتها من الطواغيت، ومن الطبيعي أن تهتم وتغتم بذلك. وإن كان ذلك يسليها عن مصابها برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وليس في هذا الأمر أي محذور، فإنه ضريبة المعرفة بهذا الأمر الخطير الذي أكرمها الله تعالى به.