(وعندي الجفر الأبيض، قال: قلت: فأي شيء فيه؟! قال: زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم (عليهم السلام)، والحلال والحرام، ومصحف فاطمة، ما أزعم أن فيه قرآنا، وفيه ما يحتاج الناس إلينا، ولا نحتاج إلى أحد، حتى فيه الجلدة، وربع الجلدة وأرش الخدش) (1).
ويقول:
" بعدما عرفت أن المصحف المذكور ليس قرآنا، يقع تساؤل جديد عن مضمونه ومحتواه، فهل هو مشتمل على بعض المغيبات التي كان يحدثها بها الملك، ويكتبها علي (ع)؟ أو هو مشتمل على وصيتها مع بعض الأحكام الشرعية، وربما المواعظ والتعاليم الإسلامية؟
هناك اختلاف في الروايات المتعلقة بذلك:
1 - فهناك رواية حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (ع)، أنه لما نظر في مصحف فاطمة (ع) قال: (وما مصحف فاطمة؟ قال: إن الله تعالى لما قبض نبيه (صلى الله عليه وآله) دخل على فاطمة (عليها السلام) من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، فأرسل إليها ملكا يسلي غمها ويحدثها، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين، فقال لها: إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي، فأعلمته ذلك، وجعل أمير المؤمنين يكتب كل ما سمع، حتى أثبت من ذلك مصحفا، قال: ثم قال: أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام، ولكن فيه علم ما يكون) (2).
ويمكن المناقشة في المتن بالقول: إن المفروض في الملك أنه جاء يحدثها، ويسلي غمها ليدخل عليها السرور، فكيف تشكو ذلك إلى أمير المؤمنين (ع)؟!
ما يدل على أنها كانت متضايقة من ذلك، كما أن الظاهر منه أن الإمام (ع) كان لا يعلم به، وأن المسألة كانت سماع صوت الملك لا رؤيته.
2 - وفي رواية أبي عبيدة: (.. وكان جبريل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعد في ذريتها، وكان علي يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة) (3).
ولا مانع أن ينزل عليها الملك جبرائيل، ولكن الحديث ظاهر في اختصاص العلم