قال: عشرون.
قلت: سبحان الله، يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون!؟... إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله، ونقول: الذي جاء به شيطان!؟ فقال: مهلا يا أبان! هذا حكم رسول الله (ص) إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف. يا أبان إنك أخذتني بالقياس. والسنة إذا قيست محق الدين).
" إذا تنطلق المسألة من جانب آخر، لا من جانب العدد بالمقام، وإنما من جانب طبيعة مشاركة المرأة في العقل الديتي (أي الدية) التي تتحملها العاقلة، فالقضية لها جانب آخر هو تصور الملاك في جانب ولكن هناك ملاك آخر في جانب آخر، ربما نجد بعض الحالات التي لا مجال فيها حتى للقياس، كما في قضية قضاء الصوم بالنسبة إلى ذات العادة وعدم قضاء الصلاة وهكذا.. إنني أتصور أن ثمة مسلمات درج عليها الأصوليون والفقهاء في الحكم الشامل بالنسبة إلى القياس.
ويمكننا أن نعيد النظر فيها، فلعلنا نكتشف شيئا جديدا. وفي هذا الإطار، لا بد من الإلفات إلى أحد محفزات العمل بالقياس عند بعض المذاهب، وهو انطلاقه من ضرورة معرفة الأحكام مع قلة الأحاديث الصحيحة، فلجأ هذا البعض إلى القياس لملء الفراغ كما حصل مع الإمام أبي حنيفة الذي كان أول من نظر للقياس وعمل به، إذ لم يصح عنده من أحاديث النبي (ص) إلا ثمانية عشر حديثا حسب ما أذكر. بمعنى أنه لا يملك أي مصدر لاستنباط الحكم الشرعي، وهذا ما نعبر عنه بانسداد باب العلم والعلمي، ومن الطبيعي أنه إذا انسد باب العلم بالأحكام أو باب الحجج الخاصة، أي ما يعبر عنه بالعلمي، فإننا لا بد أن نرجع إلى حجية الظن على بعض المباني، كمبنى الكاشفية، بمعنى أن العقل يحكم بذلك عند فقدان كل الوسائل لمعرفة الحكم الشرعي مع وجود علم إجمالي بوجود حكم شرعي لم يسقط. وإذا كان الأمر كذلك فلا بد أن يجعل الله حجة ويكون الظن حجة، وعند ذلك يكون القياس أقرب الحجج من هذا الموضوع.
ومن خلال هذا نفهم أن مسألة رفض القياس لدى أئمة أهل البيت (عليهم السلام) قد يكون منطلقا من أن هناك أحاديث في السنة الشريفة واردة بشكل واسع جدا لا يحتاج فيه إلى القياس لأن باب العلم مفتوح من جميع الجهات مثلا، سواء أكان من خلال القواعد العامة أم من خلال النصوص الخاصة " (1).