الضيقة. ومن هنا ينشأ الإنسان وفي قلبه وحشة من أن يمد الحكم الثابت لموضع إلى أمثاله، لأن ما أسميه لغة القياس التي تألفها الذهنية الشيعية تجعل كل شيء قياسا عندهم حتى ولو كان الاحتمال احتمالا بعيدا جدا، لأنهم إذا لم يستطيعوا أن يشيروا إلى خصوصية الاحتمال في مضمونه، فإنهم يطلقون الاحتمال في المطلق ويقولون إن الله اعلم بالخصوصيات ونحن لا طريق لنا إلى معرفتها بحيث يغلقون الباب على أي استيحاء واستلهام للملاك الشرعي.
حتى إننا نجد بعض الأصوليين عندما يتحدثون عن مورد من الموارد التي كانت متعلقة بالأمر الذي يكشف عن وجود ملاك ملزم في الموضوع، فإننا نراهم أنهم إذا حدث هناك أي عنوان يسقط الأمر؛ إما من جهة عدم القدرة أو من أي جانب من الجوانب أو من جهة التزاحم بأمر آخر أهم مثلا، بحيث يصبح الموضوع من دون أمر، فإنهم يقولون إنه لا يمكننا أن نتقرب، إذا كان المورد مما يتقرب به إلى الله بالملاك عينه لأننا لا نحرز وجود الملاك إلا من خلال الأمر، وإذا سقط الأمر ولو من خلال أشياء أخرى طارئة خارجية عن ذات الموضوع فإننا لا نحرز الملاك، ولذلك فنحن لا نستطيع أن نعتبر هذا الموضوع واجدا للملاك الشرعي بحيث نرتب عليه آثار أي موضوع وارد من ملاكه، فيما هي من آثار الملاك.
ما نتصوره أن علينا أن نعيد دراسة الأحاديث التي وردت في رفض القياس عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، لأن الواضح أن بعض القضايا التي رفض فيها نقل الحكم من موضوع إلى موضوع آخر كانت منطلقة من أن السائل اعتقد الملاك في جانب مقاس بينما كان الملاك شيئا آخر لا يسمح بهذا القياس، لأنه لا يحقق عناصر القياس كما نلاحظ في رواية أبان بن تغلب عن أبي عبد الله الصادق (ع) (قال: قلت له: ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة؟
قلت: كم فيها؟
قال: عشر من الإبل.
قلت: قطع اثنتين.
قال: عشرون.
قلت: قطع ثلاثا.
قال: ثلاثون.
قلت: قطع أربعا.