مورد لا يجد في الكتاب وفي الحديث، ما يفيد في إنتاج الحكم الشرعي. على اعتبار أن نهي الأئمة عن العمل بالقياس إنما هو بسبب عدم الحاجة إليه. فإذا احتاج الناس إليه ولو في مسألة واحدة فلا مانع من العمل به (1).
وقد صرح بذلك في كتابه تأملات في آفاق الإمام الكاظم عليه السلام، (كما سنرى.. مع أن ما ورد عن أئمة أهل البيت من النهي الصحيح والصريح عن القياس لا مجال للنقاش فيه، وهو معروف من مذهب الشيعة الإمامية..
ونختار بعض ما كتبه ذلك البعض حول موضوع القياس، فهو يقول:
" جاء في الحديث عن الإمام موسى الكاظم (ع) ما رواه المفيد بسنده عن الحسن بن فضال عن أبي الفراء عن سماعة عن العبد الصالح: سألته فقلت: إن أناسا من أصحابنا قد لقوا أباك وجدك وسمعوا منهما الحديث فربما كان شيء يبتلى به بعض أصحابنا وليس عندهم في ذلك شيء يفتيه، وعندهم ما يشبهه، يسعهم أن يأخذوا بالقياس؟ فقال: لا، إنما هلك من كان قبلكم بالقياس، فقلت له: لم لا يقبل ذلك؟ فقال: لأنه ليس من شيء إلا جاء في الكتاب والسنة.
إن هذا الحديث يوحي بأن رفض القياس كان بسبب عدم الحاجة إليه لشمولية الكتاب والسنة لكل ما يحتاجه الناس من الأحكام الشرعية في شؤون الحياة العامة والخاصة بحيث يمكنهم أن يجدوا فيها المعالجة الخاصة للقضايا الجزئية، والمعالجة العامة للقواعد الكلية المنفتحة على أكثر من موقع.. فيكون الرجوع إلى القياس رجوعا إلى ما لا ضرورة له، بالإضافة إلى أنه لا يملك أساسا للحجية لأنه يعتمد على الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، لا سيما أن علل التشريع قد لا تكون واضحة وضوحا كليا بالمستوى الذي يستطيع الإنسان أن يدرك معه أساس التشريع في هذا المورد بشكل قطعي ليستنتج من ذلك حكم المورد الآخر الذي يشابهه، فقد يدرك الإنسان جانبا من المدرك ويغفل عن الكلية التي تزن الأمور بميزان دقيق، حيث يختلف في الموضوع حسب الإنطباعات الذاتية في فهمهم لأسرار الحكم والموضوع معا ".
إلى أن قال:
" وقد ورد في بعض الروايات أن الإمام موسى الكاظم سأل أبا يوسف عندما سأله عن الفرق بين التظليل للمحرم في الركوب وفي النزول، فقال له ما تقول