وكذلك الصوم، فإنهم لا يحكمون ببطلانه إن لم يحقق التقوى ولا يوجبون إعادته ولا قضاءه..
ويلاحظ هنا ما في التعبير بكلمة (لعل) في قوله تعالى: (لعلكم تتقون (حيث دل على رجاء حصول ذلك.. مما يشير إلى أن ذلك هو فائدة متوخاة من التشريع، وإن لم تكن هي تمام عناصر علته..
و مهما يكن من أمر، فقد قلنا: إنه لو كانت هذه الفائدة وتلك من المقاصد هي تلك التي تمنح مراعاتها توسعا في الفتوى أو تقييدا في الأحكام.. لوجب أن يكون لها تأثير في البطلان والصحة، أو في الإعادة والقضاء، أو في تحمل أعباء معينة من أي نوع فرضت.. مع أن الأمر ليس كذلك، مما يدل على أنها ليست من المقاصد التي توجب توسعا في الفتوى، أو تقييدا في الأحكام.
5 - وبعد.. فإن هناك مقاصد - كما في التقوى في الصوم، ونهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر - تهدف إلى سوق الإنسان نحو مراتب ومقامات في الكمال قد تتجاوز ما يسعى إليه الكثيرون من الناس الذين رضوا بأن يخرجوا أنفسهم من منطقة الخطر، ولا يريدون أكثر من ذلك..
6 - وأخيرا.. نقول:
ربما يؤدي ما يسعى إليه البعض من فتح باب الأخذ بمقاصد الشريعة، واعتبارها من آليات التشريع.. إلى الوقوع في فخ خطير، وذلك بسبب شيوع العمل بالاستحسان، وبالرأي، وبغير ذلك من ظنون لا قيمة لها في الشرع الحنيف. ويكون الغطاء لذلك هو ادعاء إدراك مقاصد الشريعة، والعمل على نيلها، وسوق الناس إليها..
ولن يجدي نفعا إطلاق شعارات براقة ورنانة، بأن هذه الأمور تحتاج إلى دقة في الاجتهاد، أو ما إلى ذلك.
كما لا يفيد التباكي على مقاصد الشريعة، حين تصبح الفتاوي فاقدة لها..
ولن يجدي أيضا وصف الحكم الشرعي بأنه يمثل جسدا بلا روح.
إن التربية الروحية هي التي تهيئ الإنسان الذي يتصدى لامتثال الحكم الشرعي لأن ينفخ فيه الروح من خلال إقباله على الله فيه.. وليس بإعطاء