8 - إن الاعتذار عن ذلك بوجود وحدة حال بين الأعمى وبين النبي (ص) هو الآخر اعتذار غير سديد، إذ لا يوجد ما يثبت وجود وحدة الحال هذه، وقصة دخوله على بعض زوجات النبي (ص) لا تدل على وجود وحدة حال.. وذلك لعدة أمور:
أولا: عدم وجود ما يشهد لتكرر ذلك، فالرواية لا تذكر أزيد من أنه جاء واستأذن، فقال النبي (ص) لزوجتيه قوما وأدخلا البيت، فاحتجتا بأنه أعمى، فقال لهما أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟ (1).
ثانيا: إن وقوع مثل هذه الأمور لا يدل على وحدة الحال، فقد كان الكثيرون من الصحابة يدخلون على النبي (ص)، في حين تكون زوجاته عنده، لا سيما مع عدم تعدد الحجرات التي كانت تسكنها النساء مما قد بني حول المسجد.
ثالثا: إذا كانت هذه الحادثة قد حدثت في مكة وفي أوائل البعثة، فمن أين يثبت لنا وجود وحدة الحال هذه، في تلك الفترة بالذات، فيما بين ابن أم مكتوم وبين النبي (ص)..
رابعا: إن وجود وحدة الحال المزعومة، لا يبرر تضييع حق ذلك الأعمى، ففي الخبر: لا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه، فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه (2).
خامسا: إن نفس صدور ذلك من النبي (ص) أمام المشركين يعطي انطباعا سيئا عن أخلاق الإسلام، ومنطلقاته في التعامل مع الآخرين.
سادسا: إنه لا معنى للنهي عن أن يفعل الناس مثل فعل النبي (ص)، وقد قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
سابعا: كيف يمكن أن يقول أحد عن أفضل الرسل: إنه لا يعرف الأهم من المهم، وإنه يستغرق فيما هو مضيعة للوقت، ويفوت الفرص، ويفرط في تنمية المعرفة الإيمانية لدى المؤمنين، وإنه يجهل بحقيقة مسؤولياته، ويخطئ في تشخيص تكليفه، وأي نبي هذا الذي أرسله الله وفيه كل هذه العلل؟!..