البسيط، بينما يمكن أن يكون الغني في جشعه وطمعه معتديا على الفقير من موقع قوته، كما هي حال الأقوياء بالنسبة إلى الضعفاء..
(وظن داود أنما فتناه) أي أوقعناه في الفتنة، أي في البلاء والاختبار الذي يفتتن به الإنسان فيكون معرضا للخطأ من خلال طبيعة الأجواء المثيرة الضاغطة المحيطة به وانتبه - بعد إصدار حكمه لمصلحة صاحب النعجة، إلى استسلامه للمشاعر العاطفية أمام مأساة هذا الإنسان الفقير، وخطأه في عدم الاستماع إلى وجهة النظر الأخرى (فاستغفر ربه) على هذا الخطأ في إجراءات الحكم الشكلية (وخر راكعا وأناب) أي رجع إلى الله وتاب إليه وأخلص إليه.
قصة داود أمام علامات الاستفهام فغفرنا له ذلك الخطأ الذي لم يؤد إلى نتيجة سلبية كبيرة في الحياة العامة ولم يصل إلى الموقف الحاسم في تغيير الواقع (وإن له عندنا لزلفى) وهي المنزلة والحظوة (وحسن مآب) فيما يرجع إليه من رحمة الله ورضوانه.. ".
إلى أن قال في جملة نقاط ذكرها:
" النقطة الثانية: كيف نفهم المسألة في دائرة فكرة عصمة الأنبياء، أمام تصريح الآية بالاستغفار والرجوع إلى الله بعد الفتنة التي لم يستطع النجاح فيها، فأخطأ في إدارة مسألة الحكم في الجانب الإجرائي منه..
ربما تطرح القضية، على أساس أن الخصمين إذا كانا من الملائكة، فإنها لا تكون تكليفا حقيقيا، بل هي قضية تمثيلية على سبيل التدريب العملي ليتفادى التجارب المستقبلية فيما يمارسه من الحكم بين الناس،..
تماما كما هي قضية آدم التي كانت قضية امتحانية لا تكليفا شرعيا، فلم تكن هناك معصية بالمعنى المصطلح، وبذلك يكون الاستغفار مجرد تعبير عن الانفتاح على الله والمحبة له، والخضوع له فيما يمكن أن يكون قد صدر عنه من صورة الخطيئة، لا من واقعها، وأما إذا كان الخصمان من البشر، فقد يقال بأن القضاء الصادر من داود لم يكن قضاء فعليا حاسما بل كان قضاء تقديريا، بحيث يكون قوله: (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه)، بتقدير قوله: لو لم يأت خصمك بحجة بينة.
ولكن ذلك كله لا يمنع صدور الخطأ منه، فإنه لم ينتبه إلى أن الخصمين ملكان، بل كان يمارس القضاء بالطريقة الطبيعية على أساس أنهما من البشر.. وبذلك فلم تكن المشكلة هي إنفاذ الحكم ليتحدث متحدث بأن المسألة قد انكشفت قبل إنفاذه، أو