تخطر في باله أعمال يعبرون عنها في علم الأصول بالقول (فعل قبيح وفاعل قبيح) بمعنى أن هذا يدل على قبح الفاعل، أي أنه إنسان سيئ ذاك الذي يفكر بالجريمة لكنه لم يفعل " (1).
فهل يلتزم هذا البعض بنسبة القبح إلى نبي الله يوسف عليه السلام؟ وهل يجوز أن يقول عنه: إنه (إنسان سيئ) أو إنه (فاعل قبيح)؟! لا سيما وأن هذا القائل قد صرح في مورد آخر بأن يوسف (ع) قد عزم على أن ينال منها، ما كانت تريد هي أن تناله منه (2).
2 - إن قوله تعالى: (لولا أن رأى برهان ربه (يفيد: أنه لم يحصل منه أي شيء مما ذكره هذا البعض، فإنك إذا قلت: لولاي لوقع الطفل عن السطح، فمعناه أن الطفل لم يقع، فيوسف عليه السلام - إذن - لم ينو هذه المعصية، ولم تدخل في دائرة اهتماماته.. فالله سبحانه ينفي أن يكون قد صدر عن النبي يوسف أي فعل قلبي، ويقول: إن هذا الأمر قد كان خارج دائرة نواياه..
3 - أضف إلى ما تقدم أن الشيطان قد استثنى عباد الله المخلصين من إمكانية تأثيره فيهم، فقال: (لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين) (3)، وقال تعالى: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ((4).
وقد صرحت الآية هنا بأن بعد يوسف عن هذا الأمر، وإبعاده له عن دائرة نواياه، إنما هو لأنه كان من عباد الله المخلصين. فقد قال تعالى: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء، إنه من عبادنا المخلصين ((5). حيث ظهر من الآية: أن سبب صرف ذلك عنه هو كونه مخلصا.
4 - إن وجود نوايا قبيحة مرفوضة ستكون نتيجتها سقوط الإنسان عن درجة الاعتبار وأنه سينظر إليه بعين الإحتقار والنقص، فلو أن إنسانا نوى الفاحشة مع امرأة محصنة، فإنه لن يكون محترما عند الذين يعلمون منه ذلك،