ونحن نذكر فيما يلي كلماته كلها.. فنقول:
يقول البعض:
" وتطالعنا - في هذا المجال - شخصية إبراهيم - النبي.. التي يقدمها لنا القرآن في أجواء الصفاء الروحي، والبساطة الإنسانية.. والطبيعة العفوية.. التي تلامس في الإنسان طفولته البريئة فيما تلتقي به من حقيقة الأشياء.. ليفكر من خلال براءة النظرة في عينيه، وسلامة الحس في أذنيه ويديه، فيما يرى أو يسمع أو يلمس، فيما لديه من أدوات الحس الواقعي.. فنحن لا نرى فيه - من خلال الصورة القرآنية - شخصية الإنسان الذي يتكلف الكلمات التي يقولها للآخرين، ولا نلمح لديه روحية الشخص المشاكس الذي يبحث عن المشاكل في أفعاله وعلاقاته.. بل نشاهد فيه الشخصية البسيطة الواقعية التي ترتبط بالأشياء من جانب الإحساس، فتسمي الأشياء بأسمائها بعيدا عن تزويق الألفاظ، وزخرفة الأساليب، بقوة وصدق وواقعية وإيمان.
ففي الصورة الأولى، نلتقي به في موقفه من أبيه الذي يعبد الأصنام التي يعبدها قومه.. فيواجهه بالإنكار القوي الرافض للموقف من الأساس، لرفضه الفكرة التي يرتكز عليها.. فهذه الأصنام، هي أحجار جامدة، كبقية الأحجار الموجودة في العراء.. ولا ميزة لها إلا أن يد الإنسان قد أعطتها بعض ملامح الصورة، فحولتها إلى تماثيل.. فإذا كان الإنسان هو الذي أعطاها تلك الميزة التي تختلف بها عن سائر الأحجار.. فهي صنع يده، فكيف تكون آلهة له.. ومن الذي أودع فيها سر الألوهة..؟ وهل الألوهة شيء يصنع ويخلق، أو هي قوة تصنع وتخلق.. ثم.. إن الألوهة تعني القدرة والعلم والحياة والغنى المطلق فيما تعنيه من ملامحها الحقيقية.. فما هي ملامح ذلك كله في هذه التماثيل؟.. ولكنها الأوهام التي حولت الأشياء غير المعقولة.. إلى عقائد وتصورات ورموز قداسة في مستوى الآلهة.. فكيف تتخذ هذه الأصنام آلهة..؟ كيف..؟
.. إن فكري لا يلمح أية إشراقة للحقيقة فيما تسير عليه.. ولو من بعيد بعيد.. بل كل ما هناك الظلام والتيه والضياع.. وهنا يتحول التساؤل.. إلى حكم قاطع في مستوى وعيه للحقيقة المنطلقة من خط الهدى.. التي تحدد ملامح الضلال في خطوط الآخرين..
إني أراك وقومك في ضلال مبين إنه الموقف الصلب الذي لا يهادن ولا يجامل.. ولا يغلف الأشياء بغلاف سحري، بل يدفع الموقف إلى الأمام، بكل وضوح وصراحة.. بعيدا عن المجاملة