بالأهل الذين صدر الوعد بنجاتهم هم أهله المؤمنون.
ثالثا: إذا راجعنا الآيات نفسها، فلا نجد فيها أنه عليه السلام يطلب من ربه نجاة ولده، بل فيها أنه عليه السلام قد اعتبر رحمة الله ومغفرته هي الربح الأكبر، وبها تكون النجاة من الخسران.
ولأجل ذلك نجده عليه السلام قد قال: (إن ابني من أهلي (توطئة للرد الإلهي الذي سيحدد خصوصية الأهل الموعود بنجاتهم، وهم المؤمنون، دون الكافرين.. حيث قد سبق القول بإهلاك الكافرين سواء أكانوا من أهل نوح أو من غيرهم.
رابعا: بالإضافة إلى ما تقدم نقول: إن نوحا عليه السلام قد طلب من ولده أن يركب معهم، فقال:
(يا بني اركب معنا، ولا تكن مع الكافرين، قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء، قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ((1).
وهذا - أعني قوله تعالى: (ولا تكن مع الكافرين (يشير إلى أنه يراه مؤمنا، وأنه هو الذي رفض الركوب معهم، وعرض نفسه للهلاك مع علم نوح بأن التخلف عن ركوب السفينة معناه التعرض للهلاك المحتم، وكان هذا هو خيار ولده نفسه..
ثم أشار (عليه السلام) إلى ما يفيد أنه لم يكن بصدد طلب نجاة ولده، ولا كان يتهم الله تعالى بخلف وعده، حيث صرح (ع) أن وعد الله هو الحق..
وقبل أن يتقدم بأي طلب من الله كان التعليم الإلهي له: أن لا يسأله ما ليس له به علم.
إذن، فهناك شيء لم يكن نوح مطلعا عليه، حسب دلالة الوحي الإلهي، (فجاءت استجابة نوح لتؤكد على أنه عليه السلام لم يسأله، ولن يسأله في المستقبل:
(فلا تسألن ما ليس لك به علم، إني أعظك أن تكون من الجاهلين قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم ((2).
ثم جاء قوله عليه السلام:) وإلا تغفر لي، وترحمني أكن من الخاسرين ((3)،