بازغا غير رأيه، واعتقد أنه هو الإله، وعاش معه حالة روحية من التصوف والعبادة لهذا الرب، فلما أفل غير رأيه ثالثة فاعتقد أن الشمس هي ربه، فلما أفلت اتضحت له الحقيقة..
الثاني: أن إبراهيم قد قال ذلك على سبيل المحاكاة الاستعراضية، ليؤكد لقومه فساد آرائهم واعتقاداتهم ".
ثم اعتبر أن الاحتمال الثاني ربما يكون أقرب من الاحتمال الأول (1) وهذا يعنى أن الاحتمال الأول لا يزال موجودا وقائما.
وذلك يتنافى مع اليقين والقطع، والاعتقاد بالعصمة، وعدم كفر الأنبياء، ولو قبل البعثة.. والغريب أنه وهو ينكر علينا ما نقلناه عنه قد عاد فقرر نفس ما أخذناه عليه فقال:
" يأتي الثاني ويقول: إن السيد يقول: إن إبراهيم كان يعبد الكواكب في بداية حياته، أنا أقول في تفسيري من وحي القرآن وهو مطبوع من 15 سنة وهو ليس جديدا، أنا أقول هناك تفسيران: بعض الناس يفسرون أن إبراهيم (عليه السلام) كان يسمع أناسا يعبدون الكواكب، فتدور الأفكار في رأسه وتحيره، فهو قد أراه الله ملكوت السماوات والأرض. رأى كوكبا، قال: هذا ربي، رأى قمرا، قال: هذا ربي، وبعدها انتهى إلى نتيجة تلتقي بالدين الصحيح.
وهنا فكرة ثانية تقول: إن إبراهيم (عليه السلام) حاول أن يواجه قومه بطريقة ذكية، وبأسلوب منفتح. كيف ذلك؟ بأن يصور نفسه وكأنه واحد منهم، أي أنه يعبد الكواكب، ثم يجلس أمامهم وهم قاعدون ويقول: هذا ربي فيرتاحون لقوله.. ولما أفل قال: لا أحب الآفلين، لا يمكن أن يكون الرب كوكبا، فالرب يجب أن يكون موجودا دائما، ولما رأى القمر بازغا.. كذلك، لما رأى الشمس.. كذلك.. فهو حاول أن يرد على أفكارهم كما لو كان ممن يتبنى هذا الفكر ليحصل على فرصة مناقشته دون إثارة حساسياتهم.
أنا ذكرت هذين الاحتمالين في تفسير (من وحي القرآن) قبل خمسة عشر عاما، وكل منكم يمكن أن يعود إلى هذا التفسير ويراجعه، أنا قلت: الأقرب من هذين الاحتمالين هو أن هذا أسلوب من أساليب النبي إبراهيم (عليه السلام) من أجل أن يهدم هذه الفكرة بالطريقة الذكية.