ولأجل مسؤولية هذا النبي عن كل شيء في هذه الحياة، كان لابد لسليمان (ع) أن يسمع ما تقوله النملة، وان يتعاطى مع الهدهد، ومع الريح، ومع الجن، ومع الجبال، من موقع مسؤوليته ليقدم نموذجا مصغرا للحكم الإلهي المطلوب تحقيقه على يد الأنبياء والأوصياء، وليقدم تجسيدا حيا لنوعية تعاطيهم ومستواه في هذا النطاق.
ومن جهة أخرى، إذا كنا نعلم أن الله سبحانه قد أرسل النبي للناس جميعا، حيث قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (1).
ويقول (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) (2) وقال تعالى: (وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين) (3).
فلا بد أن يكون هذا النبي قد أبلغ رسالته لكل من على وجه الأرض، لا لخصوص أهل الحجاز، أو أهل المنطقة العربية، ولا لخصوص الملوك الذين أرسل إليهم رسائل يدعوهم فيها إلى الإسلام.
إننا نقطع بأن النبي (ص) والإمام والأئمة من بعده قد أقاموا الحجة، وقاموا بمسؤولياتهم تجاه كل الناس من ملوك وغيرهم وقد تعاملوا معهم باللغات التي يفهمونها، وبالطريقة التي يتعقلونها.. ولا بد أن تكون لديهم القدرة على الاتصال بهم، وعلى الانتقال إليهم لهدايتهم ورعايتهم، وتدبير أمورهم، وحل مشاكلهم، لأنهم رعيتهم، فيكون النبي (ص) والامام (ع) هو المسؤول عنهم، والشاهد عليهم، والمعني بهم.
وحين يصعد هذا الإنسان إلى الأجرام السماوية، فإن عليه أن يكون معه، وأن يهيمن عليه من موقع المعرفة والقدرة على التصرف في أي موقع كان، وإلى أي جهة اتجه، حتى وهو خارج دائرة السماوات.. فيما لو استطاع هذا الإنسان أن ينفذ بعلمه ووسائله من أقطارها حسبما أشارت إليه الآية الكريمة التي تقول: (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات