المقالة الأولى، فأجابه مثل ما كان أجابه، ثم خلا بعلي فقال له مثل المقالة الأولى، فقال: إن كتاب الله وسنة نبيه لا يحتاج معهما إلى إجيري أحد! أنت مجتهد أن تزوي هذا الأمر عني. فخلا بعثمان فأعاد عليه القول فأجابه بذلك الجواب، وصفق على يده). انتهى. ومعنى قول علي (عليه السلام) لعبد الرحمن: (أنت مجتهد أن تزوي هذا الأمر عني) أنك تعرف أني لا يمكن أن أكرز سيرة الشيخين جزء من الإسلام، فليس هدفك إلا أن تحصل على مبرر وتبعد الخلافة عني!
ومعنى قوله: (إن كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) لا يحتاج معهما إلى إجيري أحد!) أن الكتاب والسنة ليسا ناقصين حتى تكملهما باشتراط سنة أحد وسيرته! والإجيري: (بكسر فتشديد: العادة، وقيل همزتها بدل من الهاء. وقال ابن السكيت: ما زال ذلك إجيراه، أي عادته). (تاج العروس في شرح القاموس: 3 / 8) وفي الإمامة والسياسة: 1 / 125، أنه (عليه السلام) قال لرجل: (وما يدخل سنة أبي بكر وعمر مع كتاب الله وسنة نبيه؟!).
وفي مسند أحمد: 1 / 75: (عن عاصم عن أبي وائل قال قلت لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم عليا؟! قال: ما ذنبي قد بدأت بعلي فقلت أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر، قال فقال: فيما استطعت. قال: ثم عرضتها على عثمان فقبلها). (ونحوه أسد الغابة: 4 / 32، وتاريخ دمشق: 39 / 202، والفصول للجصاص: 4 / 55، وغيرها. وفي فضائل أمير المؤمنين لابن عقدة / 64 نحو ما في اليعقوبي. وفي فتح الباري: 13 / 170: (فلما أصبح عرض على علي فلم يوافقه على بعض الشروط، وعرض على عثمان فقبل). انتهى. فكيف يعقل أن يتبنى الإمام الحسن (عليه السلام) سيرة أبي بكر وعمر، ويجعلها شرطا على معاوية! أما سيرة عثمان فلا يمكن ان يشترطها لأنها كانت في رأي جميع المسلمين خروجا عن سيرة الشيخين وانحرافا عن الإسلام، ولهذا قتلوه!