كلهم آمنون بعضهم من بعض. فقال معاوية: قد فعلت ذلك. قال: فدعا معاوية بصحيفة بيضاء، فوضع عليها طينة وختمها بخاتمه، ثم قال: خذ هذه الصحيفة فانطلق بها إلى الحسن، وقل له فليكتب فيها ما شاء وأحب ويشهد أصحابه على ذلك، وهذا خاتمي بإقراري. قال: فأخذ عبد الله بن نوفل الصحيفة، وأقبل إلى الحسن ومعه نفر من أصحابه من أشراف قريش، منهم عبد الله بن عامر بن كريز وعبد الرحمن بن سمرة ومن أشبههما من أهل الشام. قال: فدخلوا فسلموا على الحسن ثم قالوا: أبا محمد! إن معاوية قد أجابك إلى جميع ما أحببت، فاكتب الذي تحب. فقال الحسن: أما ولاية الأمر من بعده فما أنا بالراغب في ذلك، ولو أردت هذا الأمر لم أسلمه إليه، وأما المال فليس لمعاوية أن يشرط لي في المسلمين، ولكن أكتب غير هذا. وهذا كتاب الصلح. قال: ثم دعا الحسن بن علي بكاتبه فكتب: هذا ما اصطلح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمير المؤمنين على أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) وسيرة الخلفاء الصالحين. وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد لأحد من بعده عهدا، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين. وعلى أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله، في شامهم وعراقهم و تهامهم وحجازهم. وعلى أن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم. وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه، وما أخذ الله على أحد من خلقه بالوفاء بما أعطى الله من نفسه. وعلى أنه لا يبغي للحسن بن علي ولا لأخيه الحسين ولا لأحد من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) غائلة سرا وعلانية، ولا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق. شهد على ذلك عبد الله بن نوفل بن الحارث وعمر بن أبي سلمة وفلان وفلان. ثم رد
(٥٦)