ولا يخفى أن كلا من البناءين يحتاج في إفادة العلم إلى ضم الآخر، فالطريق الأول حقيقة مركبة من الجميع، ولا يصير بتفكيك بعض معاضداته عن بعض طرقا متعددة.
العاشر: الإجماع على النحو السابق، إلا أنه لا يعتبر على هذا استكشاف حجة قطعية وعلمية. ولأجل ذلك قيل: تسلم هذه الطريقة من بعض ما يخدش به السابقة، وتكون أقرب إلى الحصول والقبول منها.
وهو أن يقال على وتيرة ما سبق في السابقة: إن اتفاقهم يكشف عن وجود مأخذ معتبر ومدرك مقبول، سالم عن معارض يعتد به، بحيث لو وقفنا عليه كما وقف عليه المجمعون، لحكمنا بما حكموا به ولم نتخط إلى غيره.
فهذه أيضا كالسابقة، وبيان لوجه الكشف عن قول الحجة، إلا أن في السابقة يكشف عن قوله الواقعي العلمي، وفي هذه عن الدليل المقبول ظاهرا، فلا يكون الإجماع حينئذ كاشفا عن الحكم الواقعي.
الحادي عشر: الإجماع على النحو السابق، إلا أنه يشترط في حصول الكشف كون ذلك الجمع من العلماء جمعا مخصوصا. ومحصله: أن يستكشف وجود نص قاطع أو دلالة قطعية من اتفاق جماعة من فضلاء أصحاب الأئمة وأضرابهم ممن لا يعتمد إلا على النص القطعي كزرارة وابن مسلم وأضرابهما، أو الصدوقين، ومن يحذو حذوهما - على الحكم بشئ، ولم يظهر فيه نص عندنا، أو الإفتاء برواية لم تثبت صحتها، أو ثبت ضعف سندها المعلوم لنا، أو ترجيح رواية أخرى لم يظهر لنا وجه رجحانها عليها.
فإن اتفاقهم إذا سلم من خلاف يعادله، يكشف عادة عن وجود نص قاطع بلغهم وخفي عنا، أو وقوفهم على ما يوجب صحة الرواية، أو عن ترجيح لإحدى الروايتين.
وقيل: اعتمد على ذلك الوجه الشريف أبو الحسن العاملي النجفي في