طريقة في الأمور الشرعية وغيرها بين الناس غير مستندة إلى مأخذ، أو منتهية في الشرعيات إلى فتوى فقيه أو قول عالم وإن لم يكن من أهل الفتوى.
ألا ترى إلى سيرتهم في ارتكاب غيبة الناس بعضهم لبعض، وحلفهم بغير الله سبحانه من الآباء والأمهات والأصدقاء، وتكلم النساء مع الأجانب - سيما الأقارب - وكشفهن عن وجوههن وشعورهن وأعناقهن وصدورهن لهم، واجتنابهم عن المشي في الأرض حافيا وملامة من يفعل كذلك، وعن البول بلا ماء حتى يعدونه من المعاصي، وعن الاستنجاء بالخرق والأحجار.
وألا ترى سيرتهم في ترك النهي عن المنكر ونحو ذلك.
وإن أريد سيرة الناس يدا بيد إلى زمان أصحاب الإمام وما يقاربه، فمن أين يعلم ذلك؟.
فإن العلم بأقوال العلماء وأفعالهم إنما هو لتداول نقلها وضبطها في الكتب واعتناء المصنفين بها.
وأما عمل سائر الناس وأقوالهم، فلا ينقل غالبا ولا يضبط، ولو نقل نادرا فليس إلا عن أهل عصر أو بعض، فكيف يمكن إثبات سيرة الناس كلا أو بقدر يكشف عن عمل الحجة من دون توسيط أقوال العلماء وأفعالهم. وإن كانت هناك أقوال العلماء واقعا لهم مضبوطة معلومة، فلا حاجة إلى السيرة.
والحاصل: أن السيرة مع وجود مخالف من العلماء أو النص لا توجب كشفا أصلا، ومع وفاق العلماء وعدم خلافهم لا حاجة إليها أبدا، ومع مسكوت العلماء فلا تتحقق السيرة لكاشفة، وهي المتصلة إلى زمان أو أرباب العصمة ألبتة.
بل يمكن أن يقال: إنه لو فرض العلم بسيرة الناس يدا بيد، ومع ذلك لم يكن أقوال من العلماء موافقة لها، لا تكون كاشفة أصلا، فتأمل.
الثالث عشر: الإجماع بالمعنى المذكور - أي الاتفاق الكاشف - إلا أنه يعلم الاتفاق من تعدد الروايات بلا معارض، ثم ينكشف قول المعصوم باتفاقهم.
ومحصله: أن يستكشف قول الحجة أو رأيه من تعدد الأخبار المتعددة