السابع عشر: أن يراد من الإجماع حصول العلم بقول الإمام الغائب بعينه لبعض حملة أسراره بنقل أحد سفرائه وخدمته سرا على وجه يفيد اليقين، أو بتوقيعه ومكاتبته كذلك، أو بسماعه منه مشافهة على وجه لا ينافي امتناع الرؤية في زمان الغيبة فلا يسعه التصريح والإعلان بنسبة القول إليه، وليس في ساير الأدلة الموجودة العلمية ما ينص بإثبات ذلك، ولا في غيرها أيضا من الأدلة ما يقتضيه.
فإذا كان الحال كما ذكر، ولم يكن مأمورا بإخفاء ما وقف عليه وكتمانه، أو كان مأمورا بإظهاره بحيث لا تنكشف حقيقة الحال، فيبرزه لغيره في مقام الاحتجاج بصورة الإجماع، خوفا من الضياع، وجمعا بين الامتثال بإظهار الحق وكتمان السر، فيكون حجة على نفسه لكونه من السنة، وعلى غيره بعد إبرازه على نحو ما ذكر، لكونه من الإجماع.
قيل: وربما يكون هذا هو الأصل في كثير من الزيارات والاستخارات والأدعية والآداب والأعمال المعروفة التي تداولت بين الإمامية، ولا مستند لها ظاهرا من أخبارهم ولا من كتب قدمائهم الواقفين على آثار الأئمة وأسرارهم، ولا أمارة تشهد بأن منشأها أخبار مطلقة أو وجوه اعتبارية مستحسنة، هي التي دعتهم إلى إنشائها وترتيبها والاعتناء بجمعها وتدوينها، كما هو الظاهر في جملة منها 1.
وإلى هذا أشار بعض سادة مشايخنا المحققين، حيث قال: وربما يحصل لبعض حفظة الأسرار من العلماء الأبرار العلم بقول الإمام بعينه على وجه لا ينافي امتناع الرؤية في مدة الغنية، فلا يسعه التصريح بنسبة القول إليه، فيبرزه في صورة الإجماع، جمعا بين الأمر بإظهار الحق والنهي عن إذاعة مثله بقول مطلق 2. انتهى.