أتباعهما أيضا في كتبهم.
فبمقتضى المقدمة الأولى يكون العمل بهذه الأخبار في الجملة اليوم واجبا، ولما لم يكن معلوما لنا أن الواجب العمل بأي طائفة من الأخبار، فبمقتضى المقدمة الثانية يجب العمل بكل الأخبار قطعا، إلا ما أخرجه الدليل، ويكون ذلك دليلا قطعيا، كما كان دليل الظن المبتنى على هاتين المقدمتين كذلك، فيكون الخبر ظنا مقطوع الحجية، فبمقتضى المقدمة الثالثة لا يكون العمل بالظن جائزا; إذ لا يكون باب العلم حينئذ منسدا، وقد ذكرت هذا الكلام في بعض مؤلفاتي.
وقد يتصدى لدفعه، فيقال: لم لا يعلم أن أي طائفة من الأخبار مما يجب العمل بها، بل يجب العمل بالخبر الصحيح قطعا، فإنه متفق عليه.
ولا أدرى أنه ما أراد من الصحيح، هل أراد الصحيح عند القدماء، أو المتأخرين؟
فإن أراد الأول، فالمراد منه الذي يعلم حجيته قطعا، وأي حديث هو؟
وإن كان المراد الثاني، فهل مراده من الصحيح المتفق عليه هو الذي كانت جميع رواته معدلين بعدلين، أو يكفي الواحد؟
فإن كان مراده الثاني، فظاهر عدم كونه متفقا عليه، كيف؟ وقد خالف في حجيته كثير من المتأخرين.
ثم لو قلت: إن المراد ما يعدل جميع رواته بعدلين، نقول: هل يعدلانه بذكر السبب، أو الأعم؟ فإنه وقع الخلاف في كفاية التعديل على الإطلاق. ثم لو عينت أحد الشقين، فهل هو ما لا يعارض تعديل أحد رواته جرحا أو الأعم؟
وعلى التقديرين هل هو ما كان تعديل رواته بلفظ عدل، أو يكفي مثل ثقة؟
وعلى التقادير: هل يشترط العلم بمذهب المعدل، أم لا؟
وعلى التقادير: هل اللازم العلم بتعدد المعدل، أو يكفي مثل هذه التعديلات المتعددة التي صرح جماعة بأن بعضهم أخذ من بعض حيث يقولون:
إن تعديل العلامة وابن داود بل الشيخ - قدس سرهم - على ما هو ببالي مأخوذ