والثاني: عدم بقاء الأعمال على العموم قطعا; لوجوب القطع في بعض الأحيان في الصلاة، وجوازه مطلقا في بعض الأعمال، كالوضوء والغسل والصوم المستحب، فيتعارض التخصيص مع التجوز، ولا ترجيح سيما إذا كان المخصص غير اللفظ بل الإجماع، كما في الوضوء والغسل، فيمكن حمل النهي على التنزيه.
والقول بعدم كراهة قطع مثل الوضوء والغسل مردود: بعدم ثبوت الإجماع على انتفائها، فيحتمل وجودها فيه والثالث: باعتبار الإجمال في الإبطال، فإن إبطال، العمل يتحقق على أحد الوجوه الثلاثة: إما بالإتيان به باطلا، كالصلاة بقصد الرياء، والصدقة مع المن والأذى.
أو بإبطاله بعد تمامه، بمعنى إفساده أجره وثوابه، كما ورد في خصوص هذه الآية.
روى في ثواب الأعمال عن الباقر عليه السلام، قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قال: سبحان الله، غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال:
الحمد لله، غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال: لا إله إلا الله; غرس الله له بها شجرة في الجنة، فقال: رجل من قريش: يا رسول الله، إن شجرنا في الجنة لكثير! قال: نعم، ولكن إياكم أن ترسلوا إليها نيرانا فتحرقوها، وذلك إن الله عز وجل يقول: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم (1) *) (2).
وبهذا المعنى فسر بعضهم قوله سبحانه: * (ولا تبطلوا صدقاتكم) * (3) فقال:
أي لا تحبطوا أجره (4).