الظان، وبقي هذان؟ لعله لم يقل: إن بول الحمار نجس، فلم يجب اجتناب الظان وأما الامر الثاني من الامرين اللذين تتوقف تمامية الصغرى عليهما، فهو انسداد باب العلم بالأحكام، فان تلك المقدمة عندنا محل بحث ونظر، فإنه إن أراد بانسداد باب العلم انسداد باب مطلقه حتى الحاصل بواسطة الظن المعلوم حجيته، فهو ممنوع.
والتفصيل: أنه لا شك أن الظن، بل مطلق الامارة المنتهي إلى العلم، علم أيضا، فإنه كما أنه إذا قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: حكم الواقعة الفلانية كذا، يحصل لك العلم به، فكذا إذا قال: حكمها ما دل عليه الخبر الواحد واعمل فيها بما دل عليه، يحصل لك العلم أيضا بحكمها في حقك أيضا بعد دلالة الخبر.
فبعد وجود ظن أو أمارة ثابتة حجيته، بل مع احتماله وتجويزه، دعوى انسداد باب العلم غلط، ونحن لا نسلم فقد الظن الكذائي أو الامارة الكذائية، بل نقطع بحجية الظنون الكتابية والخبرية، كما بيناه في كتبنا، كشرح تجريد الأصول، ومناهج الاحكام 1، ومفتاح الاحكام، وأساس الاحكام وغيرها، و من ذلك ظهر عدم تمامية صغرى هذا الدليل.
ثم نقول على كبراه:
أما أولا: فعلى سبيل الاجمال، ونقول: تماميتها موقوفة على تفرع وجوب العمل بمطلق الظن على بقاء التكليف وسد باب العلم، وهو ممنوع. وما الدليل على أنه عند بقاء التكليف وسد باب العلم يجب العمل بمطلق الظن؟
ألا ترى أن القاضي مكلف بالحكم بين المترافعين عنده، ولا سبيل له إلى العلم بالواقع، ولم يكلف بالعمل بمطلق الظن، بل امر بالرجوع إلى العدلين، و في بعض المواضع إلى أربعة عدول، وفي اخر إلى اليمين، وهكذا.