وروى أيضا عنه عن مسمع عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: إذا دخلت مكة فأتم يوم تدخل (1).
وروى أيضا عن زياد القندي قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): يا زياد أحب لك ما أحب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي، أتم الصلاة في الحرمين وبالكوفة وعند قبر الحسين (عليه السلام) (2).
وما رواه أيضا في الكتابين عنه عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): إن هشاما روى عنك أنك أمرته بالتمام في الحرمين وذلك من أجل الناس؟ قال: لا، كنت أنا ومن مضى من آبائي إذا وردنا مكة أتممنا الصلاة واستترنا من الناس (3).
والظاهر أن المراد من سؤاله " أن هشاما روى أنك أمرته بالإتمام " لأجل التقية لا لأن الإتمام أفضل، فأجاب (عليه السلام) بأن مقصودي من الأمر بالإتمام ليس التقية والخوف من الناس، بل من جهة الفضل، فإني كنت أنا وآبائي إذا وردنا مكة كنا نتم مع استتارنا من الناس وفي حال الاستتار مع أنه لا معنى للتقية في هذه الحالة، فيكون الجملة حالية بتقدير " قد " ويكون هذا ردعا لما فهمه هشام وسأل عنه السائل.
ويحتمل أن يكون المراد أنا كنا نتم الصلاة ونستتر اعتقاد أفضلية الإتمام عن الناس، لكونه أمرا غريبا بالنسبة إلى مذهبنا، فإن العامة كانوا يجوزون التخيير في مطلق الأسفار، وكان المعروف عندهم من مذهبنا القصر مطلقا، فالتفضيل أمر غريب لا بد من استتاره عنهم، لأن ذلك مخالفة أخرى لهم لا بد من التقية فيه، فحينئذ على هذا المعنى يكون التقية في التقصير. ويظهر ما ذكرنا من الوجه الأخير من كلام بعض المتأخرين (4).