ويمكن على هذا أيضا أن يكون استتار ذلك من جهة عدم قابليتهم لذلك وإبقائهم على ضلالتهم، كما روي في الدم المشتبه بين دم العذرة والحيض من حكم أخذ القطنة واعتبار التطوق والاستنقاع: أن هذا سر الله سر الله فلا تذيعوه، ولا تعلموا هذا الخلق أصول دين الله (1).
لعله إلى ما ذكرنا يشعر قولهم (عليهم السلام) " الأمر المخزون " و " الأمر المذخور " في الأخبار.
وعلى ما ذكرنا من أن المخزون هو اعتقاد الأفضلية، وأن الحكم هاهنا هذا، فلا ينافي الخبر الآتي الذي يدل بظاهرها على أن الإتمام للتقية، فإن كون الإتمام للتقية في ظاهر الأمر وبالنظر إلى معتقد الناس مع أداء الفضيلة النفس الأمرية بذلك أيضا لا ينافي استتار الحكمة الواقعية عن الناس.
فظهر بما ذكرنا وجه الجمع بين الخبر الآتي وتلك الأخبار، فالمراد من الأمر بالقصر فيه والنهي عن التمام هو الجواز وعدم تعين الإتمام، وبالأمر بالإتمام بأصحابه على سبيل التعيين ظاهرا الاتقاء مع درك الأفضل. وعلى ما ذكرنا فيمكن أن يكون نفس هذا الخبر أيضا محمولا على التقية والاتقاء حتى لا يذيعه الراوي ولا يعلمه الناس.
ولنرجع إلى ذكر الأخبار:
وروى جعفر بن محمد بن قولويه في المزار عن عمرو بن مرزوق قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الصلاة في الحرمين، وعند قبر الحسين (عليه السلام)، قال: أتم الصلاة (2).
وروى أيضا فيه عن قائد الحناط عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال: سألته عن الصلاة في الحرمين، فقال أتم ولو مررت به مارا (3).