وصحيحة أبي ولاد الحناط قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني كنت نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرة أيام وأتممت الصلاة، ثم بدا لي بعد أن لا أقيم بها، فما ترى أتم أم اقصر؟ فقال: إن كنت حين دخلت المدينة صليت بها صلاة واحدة فريضة بتمام فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها، وإن كنت حين دخلتها على نيتك التمام فلم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم، فأنت في تلك الحال بالخيار إن شئت فانو المقام عشرا وأتم وإن لم تنو المقام عشرا فقصر ما بينك وبين شهر، فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة (1).
وما رواه الصدوق في العلل في الصحيح عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): مكة والمدينة كسائر البلدان؟ قال: نعم، قلت: روى عنك بعض أصحابنا أنك قلت لهم: أتموا بالمدينة لخمس، فقال: إن أصحابكم هؤلاء كانوا يقدمون فيخرجون من المسجد عند الصلاة فكرهت ذلك لهم فلهذا قلته (2).
وما رواه جعفر بن محمد بن قولويه في كتاب المزار عن عمار بن موسى الساباطي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصلاة في الحائر، قال: ليس الصلاة إلا الفرض بالتقصير، ولا تصل النوافل (3).
أقول: وأكثر تلك الأدلة مخدوشة غير ناهضة على المطلوب:
أما صحيحة محمد بن خالد فلأنها مخالفة لإجماع الإمامية على أن من نوى الإقامة وصلى صلاة تامة ولو واحدة فيستمر على التمام حتى يخرج في أي بلد يكون، كما هو مصرح به في صحيحة أبي ولاد الحناط، فلا بد من حمل الرواية على ما إذا صار مسافرا وخرج، فلا يصح الاستدلال بها.
وأما رواية علي بن حديد فلضعفها ولا جابر له، ولإشعار قوله (عليه السلام): " رحم الله ابن جندب " على حسن ما فعله، ومع ذلك فنحملها على أن تعين التمام لا يكون