ويمكن أن يستدل للمذهب الثالث بصحيحة الحلبي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): صليت الظهر أربع ركعات وأنا في سفر، قال: أعد (1).
وربما يستبعد كون الحلبي جاهلا بالتقصير، فيحمل على الناسي مع بقاء الوقت كما سيجئ، لأن حملها على العمد أبعد.
وهل يختص المعذورية بخصوص الإتمام موضع القصر؟ أو يجري في الجاهل ببعض أحكام السفر أيضا؟ كالجاهل بانقطاع كثرة السفر بإقامة العشرة، الذي يقتضيه أصول مذهبنا عدم التعدي، لثبوت عدم العلية عندنا، فكيف يدعى القطع بعلية الجهل حتى يكون حجة. والقطع بها في مطلق السفر أيضا لا يحصل من الخبر، لتعليق الحكم فيها بمن قرئ عليه الآية وغيره، وليس في الآية إلا وجوب القصر في السفر في الجملة.
فالضابط أن بعد ما علم بثبوت قصر في الشريعة وأن المسافر يجب عليه التقصير فيجب عليه تحصيل الأحكام، ولا يصح من الجاهل بالتفاصيل بعد العلم بالإجمال.
اللهم إلا أن يقال: إن هذا الشخص من لم يفسر له الآية، بأن يبين جميع شرائط مفادها وأحكامها كما هو المناط في الآية وإن كان قرئ عليه الآية وعلم بها في الجملة.
ولكن هذا فرع كون المراد من تفسيرها ذلك، والظاهر عدمه كما لا يخفى، ويزيدك توضيحا بعض الأخبار الواردة في أبواب الحدود من كتب أصحابنا في المرأة المعتدة وغيرها، فراجع.
وأما لو صلى من فرضه التمام قصرا جاهلا فالأظهر وجوب الإعادة، لعدم الإتيان بالمأمور به، فيبقي ذمته مشغولا به. نعم روى الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إذا أتيت بلدة فأزمعت