المعصوم (عليه السلام) ما يضعفها ويبطلها ويثبت خلافها، فتدبر.
غاية ما يتخيل إشعار هذين النقلين باستحباب التقصير ورجحانه، وهو أخص من المدعى.
فإن قلت: لا قائل بالفصل.
قلت: ذلك غير معلوم، لأن ما نقلهما الشهيدان من الأصحاب هو التخيير، وكونهم متفقين على أفضلية التمام ممنوع، وهذان الروايتان لا ينافيان القول بالتخيير.
وبالجملة: لم نقف على القائل بوجوب التقصير من القدماء والمتأخرين الذين يعتبر فتواهم وشهرتهم، إلا ما ذكره الصدوق (رحمه الله) في كتابه من لا يحضره الفقيه، قال:
قال الصادق (عليه السلام): من الأمر المذخور إتمام الصلاة في أربعة مواطن: بمكة، والمدينة، ومسجد الكوفة، وحائر الحسين (عليه السلام) (1). قال مصنف هذا الكتاب: يعني بذلك أن يعزم على مقام عشرة أيام في هذه المواطن حتى يتم، ويصدق ذلك ما رواه محمد بن إسماعيل، وما رواه محمد بن خالد، وساقهما (2)، وسيأتيان إن شاء الله.
وهو ظاهر في وجوب التقصير عينا.
وقال السيد المرتضى (رضي الله عنه) في الجمل: لا يقصر في مكة ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله) ومشاهد الأئمة القائمين مقامه (3).
وقال ابن الجنيد: والمسجد الحرام لا تقصير فيه على أحد لأن الله عز وجل جعل سواء العاكف فيه والباد (4). كذا نقلهما في المختلف. ونقل عنهما اطراد الحكم في مشاهد سائر الأئمة (عليهم السلام) (5).
وظاهرهما تعين التمام، وليسا بصريح في ذلك.